جريمة غسل الأموال في مصر تعريفها محل جريمة وأركانها وعقوباتها وفقًا لقانون مكافحة غسل الأموال في التشريع المصري

People/Law الناس والقانون
المؤلف People/Law الناس والقانون

 كل ما تحتاج معرفته عن جريمة غسل الأموال في مصر: الأركان، العقوبات، والتعريف القانوني

جريمة غسل الأموال هي عملية تحويل الأموال الناتجة عن نشاطات غير قانونية إلى أموال تبدو مشروعة. في مصر، يتم تنظيم هذه الجريمة بموجب قانون مكافحة غسل الأموال رقم 80 لسنة 2002، حيث يتم تجريم كافة الأفعال التي تهدف إلى إخفاء أو تمويه مصدر الأموال غير المشروعة. تشمل الأفعال المجرمة تحويل الأموال، إخفاء مصدرها، أو استخدامها في استثمارات مشروعة. وتقوم الجريمة على ركنين أساسيين: الركن المادي (الأفعال الملموسة) و الركن المعنوي (القصد الجنائي). يعاقب القانون المصري على غسل الأموال بالسجن والغرامات المالية.

الركن المادي والمعنوي لجريمة غسل الأموال

1. الركن المادي:

الركن المادي لجريمة غسل الأموال يتكون من مجموعة من الأفعال الملموسة التي يقوم بها الجاني لتغطية مصدر الأموال غير المشروعة. تشمل هذه الأفعال:

  • تحويل أو نقل الأموال أو الأصول: هذا يشمل أي عملية نقل للأموال غير المشروعة إلى حسابات مصرفية، شركات، أو أماكن أخرى بهدف إخفاء مصدر الأموال.

  • إخفاء أو تمويه مصدر الأموال: محاولة إخفاء مصدر الأموال أو تغيير شكلها، مثل استخدام شركات وهمية أو استثمار الأموال في مجالات مشروعة لتمويه أصل الأموال.

  • إدارة أو استخدام الأموال المكتسبة بطريقة غير قانونية: أي نوع من التصرفات في الأموال التي تم غسلها، مثل شراء عقارات أو استثمارات لتحويلها إلى أموال قانونية.

وتتضمن هذه الأفعال جميع الخطوات التي تهدف إلى جعل الأموال أو الأصول الناتجة عن جريمة تبدو كأنها أموال مشروعة.

2. الركن المعنوي:

الركن المعنوي لجريمة غسل الأموال يعتمد على القصد الجنائي من الجريمة، والذي يتمثل في نية الجاني في إخفاء أو تمويه مصدر الأموال غير المشروعة.

  • القصد الجنائي العام: يجب أن يكون لدى الجاني علم بأن الأموال المتعامل فيها هي أموال مكتسبة بطريقة غير قانونية.

  • العلم بأن الأموال غير مشروعة: الجاني يجب أن يكون على دراية بأن الأموال التي يتم غسلها هي نتاج جريمة سابقة، مثل جريمة تهريب المخدرات أو الفساد المالي أو جريمة السرقة.

في بعض الأحيان، يمكن إثبات القصد الجنائي بناءً على الظروف المحيطة بالواقعة أو تكرار الأفعال المشبوهة.

 التعريف الموسّع للمال في قانون مكافحة غسل الأموال المصري

أخذ المشرع المصري بالتعريف الموسع للمال، حيث نص في البند (أ) من المادة الأولى من قانون مكافحة غسل الأموال رقم 80 لسنة 2002 على أن المال يشمل: "العملة الوطنية، العملة الأجنبية، الأوراق المالية، الأوراق التجارية، وكل ذي قيمة من عقار أو منقول مادي أو معنوي، وجميع الحقوق المتعلقة بأي منها، وكذلك الصكوك والمحررات المثبتة لأي منها".

 المقصود بالعملة وتداولها

يقصد بالعملة – بوجه عام – كل أداة وفاء ومقياس للقيم صادرة عن الدولة أو بناءً على تصريحها، ويُشترط أن تكون ذات تداول عام في المجتمع. ولا يشترط القانون أن تكون العملة متداولة في الداخل فقط، بل قد تكون متداولة في الخارج أيضًا. ويُعتبر التداول قانونيًا متى فرض القانون على الأفراد الالتزام بقبول العملة في التعاملات.

وقد أتاح المشرع المصري أن يكون محل الجريمة في غسل الأموال عملة أجنبية غير متداولة قانونًا في مصر، مما يوسع من نطاق تطبيق القانون على الأموال القذرة القادمة من الخارج.

الأوراق المالية كمحل لجريمة غسل الأموال

الأوراق المالية في هذا السياق تشمل الصكوك التي تصدرها شركات الأموال وفقًا للقانون، مثل: الأسهم، السندات، حصص التأسيس، وصكوك الاستثمار.

أما السندات، فتقوم الدولة أو هيئاتها العامة بطرحها للحصول على مصادر لتمويل النفقات العامة، وذلك عن طريق الاقتراض من الأفراد عبر الاكتتاب العام في هذه السندات.

  الأوراق التجارية وتعاملها في السوق

تُعرف الأوراق التجارية بأنها صكوك مكتوبة وفق قواعد شكلية يحددها القانون أو العرف التجاري، وتشتمل على التزام بدفع مبلغ نقدي واحد، معين أو قابل للتعيين، في تاريخ معين أو بمجرد الاطلاع عليها. وتُعد هذه الأوراق قابلة للتداول بالطرق التجارية، وتقوم مقام النقود في الوفاء بالديون.

ومن أمثلتها: الشيك، السند لأمر، والسند لحامله.

 تعريف المتحصلات في قانون مكافحة غسل الأموال

نصت المادة (1/د) من قانون مكافحة غسل الأموال رقم 80 لسنة 2002 على تعريف "المتحصلات" بأنها تشمل الأموال الناتجة أو العائدة – سواء بطريق مباشر أو غير مباشر – من جريمة من الجرائم المنصوص عليها في المادة 2 من نفس القانون.

ويشمل تعريف المتحصلات الصور غير المباشرة، والتي تأخذ عدة أشكال عملية.

 صور المتحصلات غير المباشرة

تتنوع أشكال المتحصلات غير المباشرة الناتجة عن الجرائم المرتبطة بغسل الأموال، ومن أهم هذه الصور:

المتحصلات المبدلة: 

وهي الأموال المتأتية من جريمة مثل القوادة، ثم يتم استخدامها في شراء عقارات أو أسهم.

المتحصلات المختلطة: 

تتمثل في خلط المال المتحصل من الجريمة مع أموال أخرى، ثم استخدامه في إنشاء شركة مع شركاء آخرين.

الإيرادات والمنافع المستمدة من المتحصلات أو ثمار الجريمة: 

هي تلك الأموال التي لم تُجر عليها عمليات تبديل أو خلط، مثل الإيداع النقدي على شكل وديعة، أو الفوائد الناتجة من المتحصلات المبدلة أو المختلطة، كأرباح الأسهم، السندات، أو إيرادات إيجار العقارات والسيارات.

أهم أحدث عشرة أحكام نقض مصرية تتعلق بجريمة غسل الأموال

  1. حكم النقض رقم 12700 لسنة 79 قضائية (الهيئة العامة)

تناول الحكم إدانة المتهم بغسل الأموال مع التأكيد على ضرورة إثبات علم المتهم بمصدر الأموال غير المشروعة.

  1. حكم النقض رقم 2641 لسنة 72 قضائية

أكد على أن غسل الأموال يتطلب توافر القصد الجنائي لدى الجاني لإخفاء مصدر الأموال المتحصلة من نشاط غير قانوني.

  1. حكم النقض رقم 10334 لسنة 74 قضائية

أشار إلى ضرورة إثبات أن الأموال التي يتم غسلها قد تم الحصول عليها من جريمة أخرى (مثل الاتجار بالمخدرات أو الفساد المالي).

  1. حكم النقض رقم 12517 لسنة 69 قضائية

أكد على أن غسل الأموال يشمل التصرف في الأموال غير المشروعة بأي شكل من الأشكال بهدف إخفاء مصدرها.

  1. حكم النقض رقم 9768 لسنة 78 قضائية

تناول الجريمة من حيث ضرورة إثبات تحويل الأموال غير المشروعة إلى أموال مشروعة، سواء عبر حسابات بنكية أو استثمار في عقارات.

  1. حكم النقض رقم 10253 لسنة 70 قضائية

أشار إلى أن هناك تفرقة بين المتهم الذي يشارك في غسل الأموال وبين من يرتكب الجريمة الأصلية.

  1. حكم النقض رقم 17455 لسنة 82 قضائية

تناول الحكم إدانة شخص بمساعدة آخرين في غسل أموال متحصلة من جريمة مالية، مؤكدًا على ضرورة وجود دلائل ثابتة على المشاركة الفعلية في الجريمة.

  1. حكم النقض رقم 3852 لسنة 81 قضائية

بين أهمية التفريق بين غسل الأموال وبين أنشطة مشروعة مثل الاستثمارات القانونية التي قد تكون مشوبة بشبهة غسل أموال.

  1. حكم النقض رقم 14561 لسنة 76 قضائية

أقر الحكم بأن غسل الأموال يتضمن تقديم أو استثمار أموال في مشاريع ذات صلة بالأموال غير المشروعة.

10. حكم النقض رقم 25471 لسنة 80 قضائية

    حكم ببراءة المتهم في قضية غسل أموال لعدم ثبوت توافر القصد الجنائي لديه رغم وجود الأموال المشبوهة، حيث لم تثبت الأدلة علمه بمصدر الأموال.

    هذه الأحكام تؤكد أن غسل الأموال يتطلب إثبات القصد الجنائي بشكل دقيق، وهو ما يبرز بشكل أساسي في فقه القضاء المصري.

    قضايا ذات صلة

    الركن المادي والمعنوي لجريمة توظيف الأموال وشرط تلقي المال من الجمهور

    صيغة مذكرة دفاع بأسباب البراءة في قضايا توظيف الأموال مع أحدث أحكام النقض والأسانيد القانونية