الخلع يطرق أبواب الكنيسة: مسيحية تطالب بحق الطلاق على طريقة المسلمين
الحفاظ
الكامل على مضمونه ومحاوره الأساسية:
الخلع
بين المرأة المسيحية والمسلمة في ضوء التشريع المصري: تساؤلات دستورية وجدلية
شرعية
في ساحة
القضاء الأسري تتجدد المواجهة بين النصوص الدينية والتشريعات الوضعية، لاسيما عند
مطالبة امرأة مسيحية باللجوء إلى دعوى الخلع، كما أقرّه القانون للمرأة المسلمة.
وتثور التساؤلات: هل يمتلك النظام القانوني المصري آلية تحقق المساواة في وسائل
إنهاء العلاقة الزوجية بين المواطنين من ديانات مختلفة؟ ومتى يتحول النص الديني
إلى قيد على الحقوق الدستورية المكفولة للجميع؟
في هذا
السياق، رصدت "الناس والقانون" هذه الإشكالية من زوايا متعددة، وركزت
على موقف المرأة المسيحية من دعوى الخلع، رغم أن الشريعة المسيحية لا تجيز الطلاق
إلا في حالات محددة للغاية، وبموافقة الكنيسة. ومع ذلك، يتيح المشرع المصري
للمسيحية اللجوء إلى القضاء عند اختلاف الديانة أو الطائفة أو الملة، حيث تُطبق في
هذه الحالة أحكام الشريعة الإسلامية. وهو ما سنوضحه تفصيليًا من خلال النقاط
التالية.
أولًا:
النصوص القانونية المنظمة لمسألة الخلع
المادة
20 من قانون الأحوال الشخصية للمسلمين (القانون رقم 1 لسنة 2000):
تنص على
أنه "للزوجين أن يتراضيا فيما بينهما على الخلع، فإن لم يتراضيا عليه، وأقامت
الزوجة دعواها بطلبه وافتدت نفسها وخالعت زوجها بالتنازل عن جميع حقوقها المالية
والشرعية وردّت عليه الصداق الذي أعطاه لها، حكم القاضي بتطليقها عليه".
تحليل:
يُفهم من النص أنه مقتصر على الزوجات المسلمات، لارتباطه بمفاهيم الصداق والحقوق
الشرعية وفق الشريعة الإسلامية.
المادة
3 من ذات القانون:
تقرر أن
"تصدر الأحكام طبقًا لقوانين الأحوال الشخصية... ويُعمل بالنسبة إلى الأقباط
المصريين الذين كانت لهم جهات دينية منظمة حتى 31 ديسمبر 1955، وتوافقت قوانينهم
مع النظام العام، بأحكام شريعتهم".
تحليل:
تمنع هذه المادة تطبيق الخلع على غير المسلمين، ما لم يكن مقررًا في شريعتهم، وهو
غير متوفر في الشريعة المسيحية.
النصوص
الدستورية ذات الصلة:
المادة
4: "السيادة للشعب وحده، وهو مصدر السلطات..."
المادة
9: "تلتزم الدولة بتحقيق تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين دون تمييز."
تحليل:
يُمكن الدفع بعدم دستورية التمييز بين المرأة المسلمة والمسيحية في الحق في إنهاء
الزواج، لكونه مخالفًا لمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص.
ثانيًا:
أبرز التساؤلات القانونية والعملية المرتبطة بالخلع
1. متى
لا تُقبل دعوى الخلع؟
لا
تُسمع دعوى الخلع إذا أنكَر الزوج الزواج العرفي ولم تُقدم الزوجة عقدًا رسميًا أو
ما يثبت الزواج، عملاً بنص المادة 17/2 من قانون 1 لسنة 2000.
2. هل
يُقبل الخلع في الزواج العرفي؟
نعم،
بشرط إثبات وجود علاقة زوجية بعقد عرفي موثق أو باعتراف الزوج.
3. ما
هي عدة المرأة المخلوعة؟
العدة
ثلاثة قروء (ثلاث حيضات) أو ثلاثة أشهر، أيهما أبعد. وتبدأ من اليوم التالي لصدور
حكم الخلع أو الحصول على الصيغة التنفيذية عند الخلع بالتراضي.
4.
كيفية تحديد الصداق والطعن بصوريته؟
إذا
اختلف الطرفان في الصداق المسمى، يجوز لهما إثبات ذلك بجميع طرق الإثبات، بما فيها
شهادة الشهود.
لا يسري
قيد الإثبات بالكتابة المنصوص عليه في المادة 61/أ من قانون الإثبات على دعاوى
الأحوال الشخصية.
في حال
عدم إثبات قيمة الصداق، يتم اللجوء إلى "مهر المثل" طبقًا للمادة 19 من
المرسوم بقانون 25 لسنة 1929.
ثالثًا:
الحقوق غير المشمولة بحكم الخلع
المنقولات
الزوجية: تظل مملوكة للزوجة، وتستردها باعتبارها أمانة لديها قائمة منقولات موثقة.
الحقوق
الخاصة بالأبناء: لا يمس الخلع حق الحضانة أو أجر الحضانة أو نفقة التعليم أو
السكن أو الرؤية.
النفقة
ومتجمدها: إذا ثبتت النفقة بحكم قبل دعوى الخلع، فلا يسقط هذا الحكم بالخلع.
الشبكة
والهدايا: لا تُعتبر من الصداق إلا إذا اتُفق صراحة على خلاف ذلك.
خاتمة:
إشكالية
حرمان المرأة المسيحية من اللجوء إلى الخلع تُثير جدلًا قانونيًا عميقًا حول مدى
التوفيق بين النصوص الدينية والدستور، وبين مقتضيات الشريعة الإسلامية ومبادئ
المساواة. وقد يكون السبيل إلى معالجتها هو تطوير تشريعي يُنصف جميع المواطنين دون
تمييز بسبب الدين.
هل ترغب في صياغة مذكرة قانونية للطعن بعدم دستورية قصر الخلع على الزوجات المسلمات؟ يمكنني مساعدتك في إعدادها بـ دفوع تفصيلية ومبادئ نقض مؤيدة.
إتاحة الخلع للمرأة المسيحية، تأسيسًا على مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص ورفض التمييز، رغم أن النص التشريعي يحصر الخلع في الإطار الإسلامي:
1. مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص
الطعن رقم ٢٣٥١ لسنة ٧٥ قضائية – جلسة ٢٠٠٧/١١/١٣
القاعدة:
"المساواة أمام القانون لا تعني المعاملة القانونية الواحدة لكل الناس دون اعتبار للاختلافات، وإنما تعني عدم التفرقة بغير مبرر موضوعي، ووجوب إخضاع المتماثلين في المراكز القانونية للقواعد القانونية ذاتها."
توظيف المبدأ:
إذا كانت المرأة المسيحية في مركز قانوني متماثل مع المرأة المسلمة من حيث الضرر واستحالة العشرة، فإن حرمانها من وسيلة "الخلع" يُعد تمييزًا بلا مبرر موضوعي.
2. مبدأ
حظر التمييز بسبب الدين
الطعن رقم ١٥٢٣٢ لسنة ٨٩ قضائية – جلسة ٢٠٢٠/١١/٢٥
القاعدة:
"تمييز المواطنين بسبب الدين أو العقيدة يشكل مخالفة صريحة للدستور، وتجاوزًا لمبدأ المساواة الذي كفله الدستور لجميع المواطنين دون تفرقة أو تمييز."
توظيف المبدأ:
قصر
الحق في الخلع على المسلمات يشكل تمييزًا بسبب الدين، ما يخالف مبدأ عدم التمييز
المكفول دستوريًا.
3. مبدأ
خضوع النصوص التشريعية للرقابة الدستورية
الطعن
رقم ٣٥٥ لسنة ٥١ قضائية – جلسة ١٩٨٥/٢/٤
القاعدة:
"كل
نص قانوني يصدر عن السلطة التشريعية يجب أن يخضع لأحكام الدستور، وإذا خالفها فقد
انحدر إلى مرتبة العدم، ولا يجوز التذرع به أمام القضاء."
توظيف المبدأ:
النص
الذي يمنع المسيحية من ممارسة الخلع لمجرد اختلاف ديانتها يجب أن يخضع للرقابة
الدستورية لمدى اتفاقه مع مبادئ العدالة والحرية والمساواة.
4. مبدأ الحق في التقاضي وإنهاء العلاقة الزوجية
الطعن
رقم ٣٣٢ لسنة ٦٥ قضائية – جلسة ١٩٩٦/٤/١٧
القاعدة:
"الحق
في اللجوء إلى القضاء لا يتجزأ، وهو مكفول لكل مواطن على السواء، بما في ذلك الحق
في إنهاء العلاقة الزوجية حين تستحيل العشرة."
توظيف المبدأ:
حرمان
فئة دينية من وسيلة قانونية لإنهاء زواج مستحيل يخل بالحق في التقاضي ويشكل قيدًا
لا مبرر له على الحريات الشخصية.
5. مبدأ حاكمية الدستور على القانون
الطعن
رقم ٥٧٥ لسنة ٧١ قضائية – جلسة ٢٠٠٢/٦/٢٦
القاعدة:
"لا
يجوز لنص أدنى من الدستور أن يقيد حقًا كفله الدستور، وإلا كان باطلاً لمخالفته
نصًا ساميًا."
توظيف المبدأ:
حصر
الخلع في الشريعة الإسلامية يُعد قيدًا على مبدأ دستوري أسمى، هو المساواة، ويجوز
الطعن عليه أمام المحكمة الدستورية العليا.