حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض على أحكام المحاكم الاقتصادية في ضوء أحدث أحكام النقض

People/Law الناس والقانون
المؤلف People/Law الناس والقانون

 حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض على أحكام المحاكم الاقتصادية وفقًا لأحدث أحكام النقض

تحليل قانوني شامل لحالات وإجراءات الطعن بالنقض على أحكام المحاكم الاقتصادية وفق أحدث مبادئ محكمة النقض وحدود التصدي والإحالة.

يُعد الطعن أمام محكمة النقض على الأحكام الصادرة من المحاكم الاقتصادية من أدق وأخطر مراحل التقاضي في المنازعات ذات الطابع الاقتصادي، نظرًا لارتباط هذه المنازعات بمصالح مالية واستثمارية مؤثرة على مناخ الأعمال والاستقرار الاقتصادي. وقد أولى المشرّع المصري هذا النوع من النزاعات عناية خاصة بإصدار القانون رقم 120 لسنة 2008 بإنشاء المحاكم الاقتصادية، واضعًا نظامًا إجرائيًا مغايرًا نسبيًا للقواعد العامة، لاسيما فيما يتعلق بطرق الطعن.

ومع أن الفقرة الأخيرة من المادة (12) من قانون المحاكم الاقتصادية قد قررت – في ظاهرها – التزام محكمة النقض عند نقض الحكم بالفصل في الموضوع والتصدي دون إحالة، فإن التطبيق العملي لهذا النص أثار إشكاليات قانونية دقيقة، خاصة في الحالات التي تنظر فيها المحاكم الاقتصادية منازعات ليست ناشئة في حقيقتها عن تطبيق القوانين الواردة بالمادة (6) من ذات القانون، وإنما آلت إليها بطريق الإحالة وفقًا لقواعد الاختصاص.


وفي أحدث أحكامها، أرست محكمة النقض مبدأً قضائيًا جديدًا بالغ الأهمية، أعادت من خلاله ضبط نطاق تطبيق عجز الفقرة الأخيرة من المادة (12)، وحددت بدقة الحالات التي تلتزم فيها بالتصدي، وتلك التي يجوز – بل يتعين – فيها الإحالة لمحكمة الموضوع، وفقًا لقواعد قانون المرافعات المدنية والتجارية.

أولًا: الإطار التشريعي للطعن بالنقض على أحكام المحاكم الاقتصادية

1- المادة (12) من قانون المحاكم الاقتصادية

تنص المادة (12) من القانون رقم 120 لسنة 2008 على أن:

«تكون الأحكام الصادرة من الدوائر الاستئنافية بالمحاكم الاقتصادية قابلة للطعن عليها بطريق النقض، وتفصل محكمة النقض في الطعن على وجه السرعة، فإذا قضت بنقض الحكم وجب عليها أن تفصل في الموضوع».

وقد استهدف المشرّع من هذا النص تحقيق سرعة الفصل في المنازعات الاقتصادية، باعتبارها منازعات تتصل مباشرة بعجلة التنمية والاستثمار.


2- المادة (6) من قانون المحاكم الاقتصادية

حددت المادة (6) على سبيل الحصر القوانين التي تختص المحاكم الاقتصادية بنظر المنازعات الناشئة عن تطبيقها، مثل:

  • قانون الشركات

  • قانون سوق رأس المال

  • قانون حماية المنافسة

  • قانون حماية المستهلك

  • قوانين الملكية الفكرية… إلخ

ويُعد هذا التحديد أساس الاختصاص النوعي للمحاكم الاقتصادية.

ثانيًا: الأصل في التزام محكمة النقض بالتصدي والفصل في الموضوع

أنواع الدوائر

يمكن – في ضوء هذا الحكم – التمييز بين نوعين من الدوائر من حيث طبيعة الاختصاص:

  • دوائر اقتصادية تختص نوعيًا بنظر منازعات ناشئة مباشرة عن تطبيق القوانين الاقتصادية الواردة بالمادة (6) من قانون 120 لسنة 2008.

  • دوائر اقتصادية تنظر نزاعًا محالًا إليها تنفيذًا لحجية حكم الإحالة وفق المادة (110) من قانون المرافعات، دون أن يكون النزاع بطبيعته خاضعًا لأحكام قانون المحاكم الاقتصادية. وهذا التمييز هو الأساس الذي بني عليه قضاء محكمة النقض في تحديد نطاق التصدي أو الإحالة.

استقر قضاء محكمة النقض – قبل الحكم محل البحث – على أن:

  • الطعن بالنقض على الأحكام الصادرة من الدوائر الاستئنافية بالمحاكم الاقتصادية يختلف عن الطعن على الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف العادية.

  • وأن محكمة النقض، متى قضت بنقض الحكم الاقتصادي، تلتزم بالفصل في الموضوع مباشرة، ولو كان الطعن لأول مرة.

ويستند هذا الاتجاه إلى:

  • نص المادة (12) من قانون 120 لسنة 2008

  • الغاية التشريعية المتمثلة في سرعة الفصل

  • الطبيعة الخاصة للمنازعات الاقتصادية


 المبدأ الجديد الذي أرسته محكمة النقض

مفهوم توزيع الاختصاص بين محكمة النقض ومحكمة الموضوع عند نقض الحكم. فقد أوضحت محكمة النقض أن المشرع حين ألزمها بالتصدي في الطعون الاقتصادية إنما استهدف سرعة الفصل في منازعات بعينها، أما إذا كان نظر المحكمة الاقتصادية للنزاع قد تم بطريق الإحالة فقط، فإن توزيع العمل القضائي يخضع للقواعد العامة، ولا يترتب عليه سلب محكمة النقض صلاحيتها في إعادة الدعوى إلى محكمة الاستئناف المختصة.

 قيد جوهري على إعمال عجز المادة (12)

في أحدث أحكامها، قررت محكمة النقض أن:

التزامها بالتصدي والفصل في الموضوع لا يكون إلا إذا كان النزاع ناشئًا عن تطبيق أحد القوانين المنصوص عليها بالمادة (6) من قانون المحاكم الاقتصادية.

أما إذا كان نظر المحكمة الاقتصادية للنزاع:

  • نزولًا على حجية حكم الإحالة

  • وفقًا للمادة (110) من قانون المرافعات

  • دون أن يقتضي الفصل فيه تطبيق قانون من قوانين المادة (6)

فإن النزاع لا يُعد – في حقيقته – نزاعًا اقتصاديًا بالمعنى المقصود في قانون المحاكم الاقتصادية.

 التفرقة بين الاختصاص الأصيل والاختصاص الطارئ للمحاكم الاقتصادية

1- الاختصاص الأصيل

ويتحقق عندما:

  • يكون النزاع ناشئًا مباشرة عن تطبيق قانون اقتصادي

  • منصوص عليه في المادة (6)

  • وتختص به المحكمة الاقتصادية ابتداءً

هنا تلتزم محكمة النقض بالتصدي والفصل في الموضوع دون إحالة.

2- الاختصاص الطارئ (بطريق الإحالة)

ويتحقق عندما:

  • تحيل محكمة غير اقتصادية الدعوى إلى المحكمة الاقتصادية

  • تنفيذًا لحكم نهائي بعدم الاختصاص

  • دون أن يكون النزاع خاضعًا لقانون من قوانين المادة (6)

هنا لا يُعمل عجز المادة (12)، وتخضع إجراءات النقض للقواعد العامة.

 موقف محكمة النقض من مسألة “سلب الصلاحية”

أكدت محكمة النقض في حكمها أن:

  • قانون المحاكم الاقتصادية لم يسلب محكمة النقض صلاحياتها المقررة في قانون المرافعات.

  • وأن المادة (269) من قانون المرافعات تجيز لمحكمة النقض:

    • الإحالة إلى محكمة الموضوع

    • متى كانت الدعوى غير صالحة للفصل فيها

وبالتالي:

  • لا يجوز تفسير المادة (12) تفسيرًا يؤدي إلى تعطيل أو إلغاء المادة (269) مرافعات.

  • ولا يجوز اعتبار التزام التصدي التزامًا مطلقًا في جميع الأحوال.

  • في بعض التطبيقات العملية إلى التوسع غير المبرر في إعمال عجز الفقرة الأخيرة من المادة (12)، وافتراض التزام محكمة النقض بالتصدي في جميع الطعون على أحكام المحاكم الاقتصادية. وجاء هذا الحكم ليضع حدًا لهذا الخلط، ويؤكد أن مناط التصدي هو طبيعة النزاع لا مجرد صدور الحكم من محكمة اقتصادية.

الحالات التي يجوز فيها لمحكمة النقض الإحالة رغم نقض الحكم الاقتصادي

وفقًا للمبدأ القضائي الحديث، يجوز لمحكمة النقض الإحالة في الحالات الآتية:

  • إذا كان اختصاص المحكمة الاقتصادية مبنيًا على حكم إحالة لا على طبيعة النزاع

  • إذا كان النزاع لا يقتضي تطبيق أي من قوانين المادة (6)

  • إذا شاب الحكم المطعون فيه قصور في التسبيب أو فساد في الاستدلال

  • إذا كانت الدعوى غير مهيأة للفصل في موضوعها

الآثار القانونية والعملية للمبدأ الجديد

يترتب على هذا المبدأ آثار قانونية وعملية بالغة الأهمية، من أبرزها:

1- على مستوى القضاء

  • توحيد المعايير القضائية

  • منع التوسع غير المبرر في التصدي

  • الحفاظ على الضمانات الإجرائية

  • تمكين محكمة النقض من إحالة الدعوى لمحكمة الاستئناف الاقتصادية متى كانت غير صالحة للفصل فيها.

  • منع سلب محكمة النقض لصلاحياتها المقررة بالمادة (269) من قانون المرافعات.

  • تحقيق التوازن بين سرعة الفصل في المنازعات الاقتصادية وضمانات التقاضي السليم.

  • توحيد المعايير القضائية في الطعون المتعلقة بأحكام المحاكم الاقتصادية.

2- على مستوى المحامين

  • إعادة ضبط استراتيجيات الطعن بالنقض في القضايا الاقتصادية.

  • التمييز الدقيق بين النزاع الاقتصادي الحقيقي والنزاع المحال فقط.

3- على مستوى المتقاضين

  • تعزيز العدالة الإجرائية.

  • منع الفصل في الموضوع دون تهيئة كافية.

 الأهمية القانونية لهذا المبدأ


تتجلى الأهمية القانونية لهذا المبدأ القضائي في كونه يشكل «مجمعًا» فقهيًا وقضائيًا لقواعد الطعن بالنقض على أحكام المحاكم الاقتصادية، حيث أكدت محكمة النقض أن التزامها بالتصدي والفصل في الموضوع ليس التزامًا مطلقًا في جميع الأحوال، وإنما يرتبط ارتباطًا وثيقًا بكون النزاع ناشئًا عن تطبيق أحد القوانين المنصوص عليها حصراً في المادة (6) من قانون المحاكم الاقتصادية. فإذا تخلف هذا الشرط، انتفت علة التصدي، وعاد الاختصاص الإجرائي لمحكمة النقض محكومًا بالقواعد العامة الواردة في قانون المرافعات.

يُعد المبدأ الذي أرسته محكمة النقض في أحدث أحكامها تطورًا جوهريًا في فقه الطعن على أحكام المحاكم الاقتصادية، إذ أعاد التوازن بين مقتضيات السرعة التي استهدفها المشرّع، وضمانات العدالة التي كفلها قانون المرافعات. وبذلك أكدت المحكمة أن التصدي ليس غاية في ذاته، وإنما وسيلة تُعمل في نطاقها الصحيح، وبما يتفق مع طبيعة النزاع ومصدر الاختصاص، وهو ما يجعل هذا الحكم علامة فارقة في مسار القضاء الاقتصادي المصري.

يؤكد أحدث قضاء لمحكمة النقض أن 

نص المادة (12) من قانون المحاكم الاقتصادية لا يُقرأ بمعزل عن باقي المنظومة التشريعية، وأن الالتزام بالتصدي يظل استثناءً تحكمه شروطه وضوابطه. وبذلك يكون هذا الحكم قد أرسى مبدأً قضائيًا مستقرًا يعيد الانضباط لتطبيق قواعد الطعن بالنقض في المنازعات الاقتصادية، ويحقق التوازن المنشود بين سرعة الفصل وعدالة الإجراءات، وهو ما يجعله علامة فارقة في فقه وقضاء المحاكم الاقتصادية.

يمثل الطعن أمام محكمة النقض على الأحكام الصادرة من المحاكم الاقتصادية إحدى أهم الآليات القانونية لضمان سلامة تطبيق القانون وتحقيق العدالة في المنازعات ذات الطابع الاقتصادي. وقد أثار نص الفقرة الأخيرة من المادة (12) من القانون رقم 120 لسنة 2008 بإنشاء المحاكم الاقتصادية – والمعدل بالقانون رقم 146 لسنة 2019 – جدلاً واسعًا حول مدى التزام محكمة النقض بالفصل في الموضوع والتصدي دون إحالة متى قضت بنقض الحكم..

 وفي أحدث أحكامها، أرست محكمة النقض مبدأً قضائيًا بالغ الأهمية، وضعت من خلاله حدودًا فاصلة بين حالات وجوب التصدي، وحالات جواز الإحالة، بحسب طبيعة النزاع ومصدر اختصاص المحكمة الاقتصادية بنظره. وتأتي أهمية هذا الحكم في كونه يعيد التوازن بين نصوص قانون المحاكم الاقتصادية وأحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية، ويضع إطارًا دقيقًا لكيفية إعمال عجز الفقرة الأخيرة من المادة (12)، بما يحقق الغاية التشريعية من سرعة الفصل في المنازعات الاقتصادية دون الإخلال بضمانات التقاضي.

الطعن بالنقض – محكمة النقض – المحاكم الاقتصادية – قانون المحاكم الاقتصادية – المادة 12 – التصدي دون إحالة – الإحالة لمحكمة الاستئناف – المادة 269 مرافعات – أحدث أحكام النقض – أشرف فؤاد حماد عثمان الزبادي – محامٍ بالنقض والإدارية والدستورية العليا (اشرف حماد – اشرف زبادي) ، الطعن بالنقض، محكمة النقض، المحاكم الاقتصادية، المادة 12 قانون 120 لسنة 2008، التصدي دون إحالة، الإحالة لمحكمة الاستئناف، قانون المرافعات، أحدث أحكام النقض.


#الطعن_بالنقض   $الطعن_بالنقض   *الطعن_بالنقض   @الطعن_بالنقض   ^الطعن_بالنقض  &الطعن_بالنقض   #الطعن_بالنقض_و_المحاكم_الاقتصادية   #الطعنبالـنقض #الطعن_بالنقض #محكمة_النقض #المحاكم_الاقتصادية #قانون_المحاكم_الاقتصادية #قانون_المرافعات #أحكام_النقض #اشرف_فؤاد_حماد #اشرف_زبادي #محامي_بالنقض  #الطعن_بالنقض #محكمة_النقض #المحاكم_الاقتصادية #قانون_120_لسنة_2008 $الطعن_بالنقض $محكمة_النقض @الطعن_بالنقض @EconomicCourts ^Cassation ^EconomicLaw &محكمة_النقض &القضاء_الاقتصادي #الطعن_بالنقض_على_أحكام_المحاكم_الاقتصادية #الطعنبالـنقض.