الإدارية العليا: لا يجوز معاقبة الموظف دون تحقيق مستوفٍ – حكم الطعن 26178 لسنة 51
حكم الإدارية العليا في الطعن 26178 لسنة 51 بشأن مجازاة موظف حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 26178 لسنة 51 ق عليا حول الإهمال الوظيفي ومشروعية مجازاة موظف بالتعليم بخصم الأجر وحرمان من الامتحانات.
النيابة الإدارية خصم شريف في الدعوى، لا تعتبر طرفًا ذا
مصلحة شخصية، ويجوز للمحكمة الإدارية العليا عند الطعن من الجهة الإدارية أو
النيابة أن تؤيد الحكم أو تلغيه أو تعدله، سواء ضد المتهم أو لمصلحته، ولو لم يطعن
هو في الحكم، يُبرز هذا الحكم الصادر عن المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم
26178 لسنة 51 ق عليا المبادئ القضائية المستقرة بشأن التأديب الإداري ومشروعية
قرارات الجزاء. تناولت المحكمة مدى مشروعية مجازاة موظف بالتعليم بسبب خطأ منسوب
إليه في مراجعة امتحانات الثانوية العامة. وأكدت أن التحقيقات الإدارية يجب أن
تكون وافية ومكتملة الأركان لإثبات المخالفات التأديبية. كما أوضحت أن النيابة
الإدارية تُعد خصمًا شريفًا لا تسعى للإدانة، بل لتحقيق العدالة. الحكم يمثل
تطبيقًا عمليًا لنص المادة 417 من قانون الإجراءات الجنائية على المنازعات
التأديبية.
الإدارية العليا تلغي جزاء موظف التعليم بسبب قصور التحقيقات التأديبية – الطعن رقم 26178 لسنة 51 ق عليا – جلسة 6/11/2010
بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
موضوع الطعن:
موظف – تأديب – الطعن في أحكام المحاكم التأديبية – الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا يثير المنازعة برمتها لتزن الحكم المطعون فيه بميزان القانون – استثناءً من الأصل الذي يقرر أنه لا يضار الطاعن من طعنه، يكون للمحكمة الإدارية العليا في حالة إقامة الطعن من قبل النيابة الإدارية أو السلطات الإدارية المخول لها ذلك أن تؤيد الحكم أو تلغيه أو تعدله، سواء ضد المتهم أو لمصلحته، ولو لم يطعن هو في الحكم الصادر ضده – النيابة الإدارية خصم شريف في الدعوى، ولا تعتبر طرفا ذا مصلحة شخصية.
المواد المطبقة:
المادة (417) من قانون الإجراءات الجنائية، الصادر بالقانون رقم (150) لسنة 1950.
الإجراءات
في يوم الخميس 22/9/2005، أودعت هيئة قضايا الدولة تقريرًا بالطعن في الحكم المشار إليه الذي قضى بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من مجازاة الطاعن (المطعون ضده في هذا الطعن) بخصم أجر شهرين من راتبه وحرمانه من أعمال الامتحانات لمدة خمس سنوات، والاكتفاء بمجازاته بخصم أجر عشرين يوماً من راتبه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وطلب الطاعنان في ختام تقرير الطعن الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً برفض الدعوى.
وقد أعلن تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق.
تقرير هيئة المفوضين:
أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بإلغاء القرار المطعون فيه رقم 23 لسنة 2005 الصادر بحرمان المطعون ضده من أعمال الامتحانات لمدة خمس سنوات، وحرمانه من تلك الأعمال المدة المناسبة التي تقدرها المحكمة، ورفض ما عدا ذلك من طلبات.
سير نظر الطعن:
نُظر الطعن أمام الدائرة التاسعة لفحص الطعون بجلسة 6/3/2008، وأُحيل إلى الدائرة التاسعة موضوع، ثم ورد إلى هذه الدائرة التي نظرته بجلساتها، حيث أودع المطعون ضده مذكرة دفاع طلب في ختامها رفض الطعن والقضاء بإلغاء القرار رقم 23 لسنة 2002 بجميع أجزائه والقضاء ببراءته.
وبجلسة 2/10/2010 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم مع التصريح بمذكرات خلال أسبوع، فصدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وقائع النزاع:
تتلخص وقائع النزاع – حسبما يبين من الأوراق – في أنه بتاريخ 22/4/2003 أقام المطعون ضده الطعن رقم 298 لسنة 37 ق أمام المحكمة التأديبية للتعليم، طالباً الحكم بوقف تنفيذ ثم بإلغاء قرار وزير التربية والتعليم بتاريخ 13/10/2002 بمجازاته بخصم شهرين من راتبه، مع حرمانه من أعمال الامتحانات لمدة خمس سنوات.
وذلك على سند من أنه كان مكلفًا بمراجعة السؤال الأول في مادة التاريخ بامتحان الثانوية العامة دور أول عام 2002، وقد اتُهم بأنه أهمل في مراجعة كراسة إجابة الطالبة / …، فلم يتدارك خطأ مقدر الدرجات بعدم تقدير درجة للفقرة الأولى من السؤال الأول رغم استحقاقها درجتين.
وقد دفع هذا الاتهام في التحقيق بأن ورقة الإجابة المشار إليها لم تُعرض عليه ولم يوقع عليها.
قضاء المحكمة التأديبية:
وبجلسة 25/7/2005 صدر الحكم المطعون فيه، قاضيًا بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من مجازاة الطاعن بخصم أجر شهرين من راتبه وحرمانه من أعمال الامتحانات لمدة خمس سنوات، والاكتفاء بمجازاته بخصم أجر عشرين يوماً من راتبه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
استندت المحكمة في ذلك إلى أن المخالفة ثابتة في حقه لأنه كان مكلفاً بمراجعة السؤال المشار إليه، ومن ثم يسأل عن الخطأ الوارد بتقدير درجة إجابته، بحسبان أنه كان يتعين عليه القيام بالواجب المكلف به.
وأنه لا يُعفيه من المسؤولية عدم توقيعه على الورقة وعدم علمه بمن وقعها، إذ إن مجرد عدم قيامه بما كُلف به يقيم في حقه مخالفة قوامها الإهمال في أداء عمله.
لكن هذه المخالفة لا تستأهل مجازاته بأكثر من خصم عشرين يومًا من راتبه، الأمر الذي يجعل القرار مشوبًا بالغلو.
أسباب الطعن:
مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه، إذ قضى بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من حرمان المطعون ضده من أعمال الامتحانات لمدة خمس سنوات، مؤسسًا ذلك على الغلو، رغم أن قضاء المحكمة مستقر على أن الحرمان من أعمال الامتحانات لا يُعد جزاءً وإنما يدخل في السلطة التقديرية للإدارة.
رأي المحكمة الإدارية العليا:
ولئن كان الطعن مقامًا من الجهة الإدارية، إلا أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الطعن أمامها يثير المنازعة برمتها لتزن الحكم المطعون فيه بميزان القانون وزناً مناطه استظهار ما إذا كانت قد قامت به حالة أو أكثر من الأحوال التي تعيبه فتلغيه، ثم تنزل حكم القانون في المنازعة، سواء أكان الطعن مقامًا من هيئة مفوضي الدولة أم من النيابة الإدارية أم من السلطات الإدارية التي خولها قانون مجلس الدولة الاختصاص بالطعن في الأحكام.
وذلك لأن دور النيابة الإدارية بصدد دعوى التأديب يكاد يتطابق مع دور النيابة العامة في الدعوى العمومية، كما هو مقرر في المادة (417) من قانون الإجراءات الجنائية التي نصت على أنه:
"إذا كان الاستئناف مرفوعًا من النيابة العامة فللمحكمة أن تؤيد الحكم أو تلغيه أو تعدله، سواء ضد المتهم أو لمصلحته..."
وهذا الحكم استثناء من الأصل وهو ألا يُضار الطاعن من طعنه، ويُبرره أن النيابة خصم شريف في الدعوى لا تعتبر طرفًا ذا مصلحة شخصية، وهو ما يسري على النيابة الإدارية في طعونها، ويسري كذلك على السلطات الإدارية فيما تقيمه من طعون على أحكام المحاكم التأديبية.
وبالتالي، يفيد العامل المتهم من الطعن المقام من أي منها، حتى ولو لم يطعن على الحكم.
تقدير المحكمة للوقائع والتحقيق:
الثابت من الأوراق أن المخالفة المنسوبة للمطعون ضده هي إهماله في مراجعة إجابة السؤال الأول للطالبة، مما ترتب عليه عدم اكتشاف خطأ القائمة بالتصحيح بعدم تقدير درجة للفقرة الأولى، رغم ثبوت استحقاقها درجتين.
وقد دفع المطعون ضده أمام المحقق بأن الورقة لم تعرض عليه أصلاً، ولم يوقع عليها، وأن التوقيع الموجود لا يخصه، وطلب مضاهاته بنموذج توقيعه، إلا أن المحقق لم يفعل.
كما أن المقدّرة/…، المختصة بتقدير الدرجات، أقرت بخطئها لكنها لم تذكر أنها سلمت الورقة للمطعون ضده، ولم تحدد اسم المراجع، واكتفت بالقول إن اسمه موجود بكشوف التوقيعات.
وإذ توقف التحقيق عند هذا الحد، فإنه يكون قد قصر في تحقيق دفاع المطعون ضده، مما يفقده مقومات التحقيق المستوفي لأركانه، ويجعله باطلاً.
وقد خلت الأوراق من دليل يدينه، مما يجعل القرار المطعون فيه واردًا على غير سبب صحيح.
النتيجة
لما كان ما تقدم، فإن القرار الطعين يكون باطلاً، ويجب إلغاؤه بشقيه.
وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى خلاف ذلك، فإنه يكون مخالفًا للقانون، مما يوجب إلغاؤه، والقضاء مجددًا بإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
الحكم
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة:
-
بقبول الطعن شكلاً.
-
وفي الموضوع: بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
المحكمة الإدارية العليا، الطعن 26178 لسنة 51، مجازاة الموظفين، التأديب الإداري، النيابة الإدارية، حرمان من أعمال الامتحانات، الإهمال الوظيفي، قرارات الجزاء، دعاوى التعليم، المادة 417 إجراءات جنائية، المراجعة في الامتحانات، المسؤولية التأديبية