جريمة توظيف الأموال شرط تحققها تلقي الجاني المال من الجمهور بغير تمييز ودون أن تربطه بالمجني عليه علاقه خاصه
جريمة توظيف الأموال شرط تحققها تلقي الجاني المال من الجمهور بغير تمييز ودون أن تربطه بالمجني عليه علاقه خاصه(الفقرتان الأولتان من المادتين الأولى و 21 من القانون رقم 146 لسنة 1988)ومن ثم فإن إدانة الحكم المطعون فيه المتهم بجريمة تلقي أموال لتوظيفها على خلاف أحكام القانون والامتناع عن ردها لأصحابها دون استظهار وصف الجمهور ومدى تحققه وعلاقة أصحاب الأموال بالمتهم.

شروط جريمة توظيف الأموال: تلقي المال من الجمهور، الركن المادي والمعنوي
محكمة النقض المصرية
الطعن رقم 9655 لسنة 79 ق
جلسة 2010/07/27
س 61
ص 532 ق 61
سرد واقعة الدعوى:
لما كان الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله: "إن المتهم .... "الطاعن" في غضون الفترة من ........ استغل ذيوع صيته بين أهل بلدته في مدينة .... في تجارة ...... على نطاق واسع من خلال كونه صاحب محل ..... المسمى .....، وأعلن عن رغبته في تلقى أموال من المواطنين بغرض توظيفها في نشاط تجارته مقابل عائد مادي ما بين أربعة وخمسة في المائة من المبالغ التي يتلقاها، ونقل رغبته هذه إلى أصدقائه ومن بينهم الشاهد الأول حتى ذاع صيته في هذا المجال وانتشر خبره بين عموم الناس في بلدته.
فعرض على نفر منهم تلقى أموالهم لتوظيفها واستثمارها لديه، وغرهم المتهم بأنهم سيجنون ثمار استثمار أموالهم لديه أرباحاً شهرية تتراوح بين 4%، 5%، فسـال لعابهم ووقع في شباك صيده المجني عليهم كل من ....، وقد تلقى منه المتهم مبلغاً إجمالياً سبعين ألف جنيه على دفعتين، و.... وتلقى منه المتهم مبلغ ثمانية وخمسين ألف جنيه مرة واحدة، و.... وتلقى منه المتهم مبلغ سبعون ألف جنيه دفعة واحدة، و.... وتلقى منه المتهم مبلغ واحد وسبعين ألف جنيه على دفعتين، و.... وتلقى منه المتهم مبلغ ثلاثين ألف جنيه دفعة واحدة.
فأفلح في أن يتلقى منهم إجمالي مائتين وتسعة وتسعين ألف جنيه لتوظيفها واستثمارها لديه دون حصولهم على ثمة مستندات أو عقود، وقد أمكن له جذب ثقتهم بأن انتظم في منحهم بالفعل أرباحاً لعدة أشهر، إلا أنه توقف بعدها عن دفع الأرباح التي وعدهم بها، وعندما طالبوه برد أصل أموالهم المودعة لديه بغرض استثمارها في تجارته لم يرد سوى مبلغ أربعة عشر ألف جنيه لأحدهم وهو ....
وامتنع عن رد باقي مبلغه ومبلغ الآخرين وإجماليها مبلغ مائتين وخمسة وثمانين ألف جنيه، مخالفاً بذلك أحكام القانون رقم 146 لسنة 1988 بإصدار قانون الشركات العاملة في مجال تلقى الأموال لاستثمارها، ذلك أنه ليس من بين الشركات المساهمة المقيدة بالسجل المعد لذلك بالهيئة العامة لسوق المال، ومن ثم فهو غير مرخص له بمزاولة نشاط تلقى الأموال لتوظيفها واستثمارها".
النص القانوني المنطبق:
لما كان ذلك، وكانت الفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون رقم 146 لسنة 1988 في شأن الشركات العاملة في مجال تلقى الأموال لاستثمارها قد حظرت على غير الشركات المقيدة في السجل المعد لذلك بهيئة سوق المال أن تتلقى أموالاً من الجمهور بأية عملة أو بأية وسيلة وتحت أي مسمى لتوظيفها أو استثمارها أو المشاركة بها سواء كان هذا الغرض صريحاً أو مستترا.
ونصت الفقرة الأولى من المادة 21 من هذا القانون على أن: "كل من تلقى أموالاً على خلاف أحكام هذا القانون، أو امتنع عن رد المبالغ المستحقة لأصحابها كلها أو بعضها، يعاقب بالسجن وبغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تزيد على مثلى ما تلقاه من أموال أو ما هو مستحق، ويحكم على الجاني برد الأموال المستحقة إلى أصحابها".
تفسير مصطلح "الجمهور" وفق القانون:
ولما كان نص المادة الأولى المشار إليه يحظر على الشركات المحددة فيه تلقى أموال من الجمهور لتوظيفها أو استثمارها أو المشاركة بها، فإن الشرط المفترض في الركن المادي لتلقى الأموال المؤثم أن يكون التلقي من الجمهور، أي من أشخاص بغير تمييز بينهم وبغير رابطة خاصة تربطهم بمتلقي الأموال.
وهو ما يعنى أن تلقى الأموال لم يكن مقصوراً على أشخاص معينين بذواتهم أو محددين بأعينهم وإنما كان مفتوحاً لكافة الناس دون تمييز أو تحديد، دل على ذلك استعمال المشرع لكلمة "الجمهور" للتعبير عن أصحاب الأموال، فالجمهور في اللغة "الناس جلهم" وأن "الجمهور من كل شيء معظمه".
وهو ما يوافق قصد المشرع على ما أفصحت عنه الأعمال التحضيرية لمشروع القانون المشار إليه ومناقشته في مجلس الشعب، فقد أوضح أحد أعضاء المجلس المقصود من النص المذكور بقوله: "المقصود بهذا النص هو تنظيم مسألة التعرض لأخذ أموال الجمهور بغير تمييز.
أما بالنسبة للاتفاقات الخاصة المحددة بين فرد أو أكثر وبعض الأفراد الذين تربطهم علاقات خاصة تدعو للطمأنينة بين بعضهم البعض، ودون عرض الأمر على عموم الجمهور، فإن هذه المادة وهذا المشروع لا يتعرض لها".
وأكد وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية هذا المعنى بقوله: "تتلقى الأموال من الجمهور أي من أشخاص غير محددين، ومعنى ذلك أن الجمعيات التي تتم بين الأسر في إطار أشخاص محددين أو ما يسمى بشركات المحاصة لا تدخل تحت طائلة مشروع القانون".
القصور في تسبيب الحكم المطعون فيه:
لما كان ذلك، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة الإدانة حتى يتضح وجه استدلالها وسلامة مأخذها، وإلا كان حكمها قاصراً.
أثر القصور على سلامة الحكم:
لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بجريمتي تلقى أموال لتوظيفها على خلاف أحكام القانون والامتناع عن ردها لأصحابها دون أن يستظهر وصف الجمهور على النحو السالف بيانه ومدى تحققه في الدعوى المطروحة وعلاقة أصحاب الأموال بالطاعن.
بحيث يبين ما إذا كان تلقى الأموال من أشخاص غير محددين بذواتهم أم كان على وجه آخر، فإنه يكون مشوباً بالقصور الذي يعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم، مما يعيبه ويوجب نقضه، ولما كانت أوراق الدعوى بحالتها غير صالحة للفصل في موضوعها.
الحكم
فإنه
يتعين أن يكون النقض مقروناً بالإعادة، وذلك دون حاجة إلى بحث أوجه الطعن.
امين السر نائب رئيس المحكمة
قضايا ذات صلة
كل ما تحتاج معرفته عن جريمة غسل الأموال في مصر
صيغة مذكرة دفاع بأسباب البراءة في قضايا توظيف الأموال مع أحدث أحكام النقض والأسانيد القانونية