حرمان المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة من جراء تعرض الغير بأعمال مادية قياساً على حالة هلاكها باعتبارهما قوة قاهرة حالت دون الانتفاع بها

من المقرر ان أن المؤجر يلتزم بتمكين المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجر وهو التزام مستمر يقابله الالتزام بدفع الأجرة، فإذا حرم المستأجر من الانتفاع بالعين من جراء تعرض مادي من أجنبي عنه وعن المؤجر، وبذل كل ما في وسعه لدفع ذلك التعرض فلم يتمكن، حق للمستأجر أن يمتنع عن الوفاء للمؤجر، وجاز له أيضاً مطالبة المتعرض بالتعويض.

بإسم الشعب 

محكمة النقض المصرية 

الطعن رقم ١4١4 لسنة 68 القضائية

الطعن رقم 1٤1٤ لسنة ٦٨ القضائية

جلسة 16 من أكتوبر سنة 2000

أحكام النقض – المكتب الفني – مدني
الجزء الثاني – السنة 51 – صـ 932

برئاسة السيد المستشار/ أحمد محمود مكي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ سيد محمود يوسف، خالد يحيى دراز نائبي رئيس المحكمة، أحمد إبراهيم سليمان وبليغ كمال.

العنوان

 إيجار “إيجار الأماكن” عقد الإيجارات “التزامات طرفي عقد الإيجار: التزامات المؤجر: الالتزام بمنع التعرض”. “هلاك العين المؤجرة” حكم تسبيه: الخطأ في تطبيق القانون، والقصور في التسبيب.

(1) حرمان المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة نتيجة التعرض المادي من الغير. أثره. للمستأجر الامتناع عن الوفاء بالأجرة للمؤجر ومطالبة المتعرض بالتعويض. علة ذلك. م 558، 575/ 2 مدني.

(2) التزام المؤجر بدفع التعرض من الغير للمستأجر. التزام بتحقيق نتيجة. حرمان المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة من جراء تعرض الغير بأعمال مادية.

قياسه على حالة هلاكها باعتبارهما قوة قاهرة حالت دون الانتفاع بها. أثره.
(3) تمسك الطاعن بتعرض المطعون ضدهن له في انتفاعه بالحاوية محل النزاع باستيلائهن عليها نفاذاً لحكم صادر لهن على حائز الأرض الفضاء والمالك الظاهر لها ولم يكن طرفاً فيه وبذل ما في وسعه لدفع التعرض واستعادتها فلم يتمكن لأن المؤجر لم يزوده بمستندات ملكيته لها مما أدى إلى حرمانه من الانتفاع بالعين ويخوله الامتناع عن الوفاء بالأجرة ويحق له الرجوع على المطعون ضدهن بالتعويض.

الموجز

قضاء الحكم المطعون فيه بإلزامه بالأجرة ورفض إلزام المطعون ضدهن بما عسى أن يحكم عليه استناداً إلى أن عدم انتفاعه بالحاوية يرجع إليه دون أن يبين المصدر الذي استقى منه ذلك وأنه ليس للمطعون ضده الأول صلة بوجوده في الأرض الفضاء التي سلمت للمطعون ضدهن وبأنه لا يمكن إلزامهن بالأجرة لعدم ثبوت انتفاعهن بالحاوية. خطأ وقصور.

1 – النص في المادتين 558، 575/ 2 من القانون المدني يدل على أن المؤجر يلتزم بتمكين المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجر وهو التزام مستمر يقابله الالتزام بدفع الأجرة، فإذا حرم المستأجر من الانتفاع بالعين من جراء تعرض مادي من أجنبي عنه وعن المؤجر، وبذل كل ما في وسعه لدفع ذلك التعرض فلم يتمكن، حق للمستأجر أن يمتنع عن الوفاء للمؤجر، وجاز له أيضاً مطالبة المتعرض بالتعويض.

2 – التزام المؤجر بدفع التعرض التزام بتحقيق نتيجة، فإذا تعرض الغير للمستأجر بأعمال مادية فقط تعين على المؤجر أن يتخذ الإجراءات القانونية اللازمة لدفع هذا التعرض وتقاس حالة الحرمان من الانتفاع بالعين من جراء ذلك التعرض على حالة هلاكها لوحدة العلة ذلك أن التعرض المادي الصادر من الغير يكون في هذه الحالة بمثابة القوة القاهرة ويعمل عملها فكلاهما حرم المستأجر من الانتفاع بالعين ولا يد لطرفي الإيجار فيه.

وعدم استحقاق الأجرة نتيجة منطقية للمبدأ القاضي بأن الأجرة تقابل المنفعة وأن المؤجر ملزم بتمكين المستأجر من الانتفاع بالعين وكذلك يحق للمستأجر في حالة التعرض المادي الرجوع على المتعرض بالتعويض عما أصابه من ضرر وفقاً لقواعد المسئولية التقصيرية.

3 – إذ كان الثابت من أوراق الدعوى أن علاقة الطاعن بالمطعون ضده الأول يحكمها عقد الإيجار المؤرخ 3/ 6/ 1941 فيلتزم المستأجر بأداء الأجرة مقابل تمكين المؤجر له من الانتفاع بالعين وتمسك بأن تعرضاً وقع للطاعن من باقي المطعون ضدهن بأن استولين على الحاوية محل النزاع بمناسبة تنفيذهن لحكم صادر لهن على حائز الأرض ومالكها الظاهر والذي لم يكن الطاعن طرفاً فيه ولم يعدن إليه الحاوية رغم طلبها كما رفض الطلب المقدم منه لقاضي التنفيذ لاستلامها في 19/ 7/ 1995 لأن المؤجر لم يزوده بمستندات ملكيته للحاوية، وتمسك بأن هذا التعرض المادي الصادر من المطعون ضدهن عدا الأول حرمه كلية من الانتفاع بالعين المؤجرة وهو ما يخوله الحق في الامتناع عن الوفاء بالأجرة إعمالاً لنص المادة 575/ 2 من القانون المدني سالفة البيان، كما يجيز له طلب التعويض من المتعرضات، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بتأييد الحكم الابتدائي الصادر بإلزامه بالأجرة وبرفض دعواه بطلب الحكم على المطعون ضدهن بما عسى أن يحكم عليه به…. على سند من أن عدم انتفاع الطاعن بالحاوية يرجع إليه وأنه ليس للمطعون ضده الأول صلة بوجوده في الأرض الفضاء التي تم تنفيذ الحكم المستعجل بتسليمها لباقي المطعون ضدهن وبأنه لا يمكن إلزامهن بالأجرة لعدم ثبوت انتفاعهن بالحاوية رغم أن انتفاعهن بها ليس شرطاً لإلزامهن بالتعويض عن حرمانه منها ودون أن يبين المصدر الذي استقى منه القطع بأن سبب عدم انتفاع الطاعن يرجع إليه فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر “والمرافعة وبعد المداولة”.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.

الوقائع

وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى 1698 لسنة 1996 مدني إسكندرية الابتدائية على الطاعن بطلب الحكم بإلزامه بأن يؤدي إليه مبلغ 22000 ألف جنيه وما يستجد واعتبار العقد المؤرخ 3/ 6/ 1994 مفسوخاً والتسليم… لأنه استأجر منه بالعقد سالف البيان حاوية – كونتينر – الموضحة بالأوراق بأجرة مقدارها ألفي جنيه شهرياً وامتنع عن سدادها منذ 4/ 4/ 1995 وحتى 4/ 3/ 1996 رغم تكليفه بالوفاء، أدخل الطاعن المطعون ضدهن عدا الأول خصوماً في الدعوى ليسمعن الحكم عليهن بما عسى أن يحكم عليه به.

ومحكمة أول درجة حكمت بإلزام الطاعن بدفع مبلغ 42000 ألف جنيه ورفضت باقي الطلبات ثم عادت وحكمت برفض الدعوى الفرعية، واستأنف الطاعن الحكمين بالاستئنافين رقمي 446، 2173 لسنة 53 ق الإسكندرية وبتاريخ 28/ 4/ 1998 قضت المحكمة بالتأييد، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعُرض الطعن على هذه المحكمة – في غرفة مشورة – فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.

اسباب الطعن بالنقض : مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب

وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب…. ذلك أنه تمسك بأن الحاوية التي استأجرها من المطعون ضده الأول بالعقد المؤرخ 3/ 6/ 1994 كانت مودعة بأرض فضاء يستأجرها من مالكها الظاهر وحائزها، واستصدر المطعون ضدهن عدا الأول حكماً ضد مؤجر الأرض الدعوى 2280 لسنة 88 م مستعجل الإسكندرية باسترداد حيازتهن للأرض الفضاء، وتسلمنها بما عليها من معدات ومنها الحاوية محل النزاع بمحضر رسمي بتاريخ 18/ 6/ 1994 فحرم من الانتفاع بها من ذلك الحين بعلم المؤجر المطعون ضده الأول، ولم يقصر الطاعن في دفع هذا التعرض فتقدم لقاضي التنفيذ طالباً استرداد الحاوية محل النزاع فرفض طلبه لعدم تقديمه مستندات ملكيته للحاوية التي لم يمده المؤجر المطعون ضده الأول بها وهو ما يجيز له الامتناع عن دفع الأجرة ورغم ذلك ظل يسددها حتى نهاية ديسمبر سنة 1995 كما يجيز ذلك التعرض من المطعون ضدهن له الرجوع عليهن بما لحقه من أضرار وإذ قضى الحكم الابتدائي المؤيد بقضاء الحكم المطعون فيه بإلزامه بدفع مبلغ 42 ألف جنيه ورفض دعواه الفرعية بالرجوع على المتعرضات فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.

هذا النعي في محله

وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن النص في المادة 558 من القانون المدني على أن (الإيجار عقد يلتزم بمقتضاه المؤجر من الانتفاع بشيء معين مدة معينة لقاء أجر معلوم)، والنص في الفقرة الثانية للمادة 575 من ذات القانون على أنه (إذا وقع التعرض المادي لسبب لا يد للمستأجر فيه، وكان هذا التعرض من الجسامة بحيث يحرم المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة جاز له تبعاً للظروف أن يطلب فسخ العقد أو إنقاص الأجرة يدل على أن المؤجر يلتزم بتمكين المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجر وهو التزام مستمر يقابله الالتزام بدفع الأجرة، فإذا حرم المستأجر من الانتفاع بالعين من جراء تعرض مادي من أجنبي عنه وعن المؤجر، وبذل كل ما في وسعه لدفع ذلك التعرض فلم يتمكن، حق للمستأجر أن يمتنع عن الوفاء للمؤجر.

مطالبة المتعرض بالتعويض

وجاز له أيضاً مطالبة المتعرض بالتعويض، والتزام المؤجر بدفع التعرض التزام بتحقيق نتيجة، فإذا تعرض الغير للمستأجر بأعمال مادية فقط تعين على المؤجر أن يتخذ الإجراءات القانونية اللازمة لدفع هذا التعرض، وتقاس حالة الحرمان من الانتفاع بالعين من جراء ذلك التعرض على حالة هلاكها لوحدة العلة، ذلك أن التعرض المادي الصادر من الغير يكون في هذه الحالة بمثابة القوة القاهرة ويعمل عملها فكلاهما حرم المستأجر من الانتفاع بالعين ولا يد لطرفي الإيجار فيه، وعدم استحقاق الأجرة نتيجة منطقية للمبدأ القاضي بأن الأجرة تقابل المنفعة وأن المؤجر ملزم بتمكين المستأجر من الانتفاع بالعين وكذلك يحق للمستأجر في حالة التعرض المادي الرجوع على المتعرض بالتعويض عما أصابه من ضرر وفقاً لقواعد المسئولية التقصيرية.

لما كان ذلك، وكان الثابت في أوراق الدعوى أن علاقة الطاعن بالمطعون ضده الأول يحكمها عقد الإيجار المؤرخ 3/ 6/ 1941 فيلتزم المستأجر بأداء الأجرة مقابل تمكين المؤجر له من الانتفاع بالعين وتمسك بأن تعرضاً وقع للطاعن من باقي المطعون ضدهن بأن استولين على الحاوية محل النزاع بمناسبة تنفيذهن لحكم صادر لهن على حائز الأرض ومالكها الظاهر والذي لم يكن الطاعن طرفاً فيه ولم يعدن إليه الحاوية رغم طلبها كما رفض الطلب المقدم منه لقاضي التنفيذ لاستلامها في 19/ 7/ 1995 لأن المؤجر لم يزوده بمستندات ملكيته للحاوية، وتمسك بأن هذا التعرض المادي الصادر من المطعون ضدهن عدا الأول حرمه كلية من الانتفاع بالعين المؤجرة وهو ما يخوله الحق في الامتناع عن الوفاء بالأجرة إعمالاً لنص المادة 575/ 2 من القانون المدني سالفة البيان،

طلب التعويض من المتعرضات

كما يجيز له طلب التعويض من المتعرضات، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بتأييد الحكم الابتدائي الصادر بإلزامه بالأجرة وبرفض دعواه بطلب الحكم على المطعون ضدهن بما عسى أن يحكم عليه به….. على سند من أن عدم انتفاع الطاعن بالحاوية يرجع إليه وأنه ليس للمطعون ضده الأول صلة بوجوده في الأرض الفضاء التي تم تنفيذ الحكم المستعجل بتسليمها لباقي المطعون ضدهن وبأنه لا يمكن إلزامهن بالأجرة لعدم ثبوت انتفاعهن بها ليس شرطاً لإلزامهن بالتعويض عن حرمانه منها ودون أن يبين المصدر الذي استقى منه القطع بأن سبب عدم انتفاع الطاعن يرجع إليه،

الحكم

لهذة الاسباب

فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.

امين السر        رئيس المحكمة