مسؤولية التابع عن ‏أعمال المتبوع واساس ذلك في ظل المسؤلية التقصيرية ومدي توافر اركان علاقة السببية بين فعل المتبوع والضرر وطلب التعويض مع وجود ﻋﻴوب ﻋدم اﻟﻤﺸروﻋﻴﺔ في ضؤ مبادىء واحكام محكمة النقض المصرية

في التقرير التالي تلقي “الناس و القانون” الضؤ علي احكام محكمة النقض المصرية الطعن رقم ٢٥٩٧ لسنة ٨٤ قضائية ، المقرر – في قضاء محكمة النقض – أنَّ النصَ في المادة ١٧٥ من التقنين المدني على أنَّ ” للمسئول عن عمل الغير حق الرجوع عليه في الحدود التي يكون فيها هذا الغيرُ مسئولًا عن تعويض الضرر ” ولئن كان يخولُ المتبوعَ إذا رجع عليه المضرورُ واستوفى منه التعويضَ عن الضرر الذي أحدثه تابعُه بعمله غير المشروع حقَ الرجوعِ بما دفعه على التابع ، … حيث يبين الخبير القانوني “أشرف فؤاد” المحامي بالنقض.

مسئولية المتبوع عن فعل تابعة ومدي  الالتزام بتعويض المضرور

باسم الشعب

محكمــة النقــض

الدوائر المدنية

جلسة ٢٠٢٠/٠٦/٠١

الطعن رقم ٢٥٩٧ لسنة ٨٤ قضائية

العنوان

نطاق مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه.

الموجز 

المتبوع . حقه في الرجوع على التابع محدث الضرر بما أوفاه من تعويض للمضرور . م ١٧٥ مدني . شرطه . كون خطأ التابع جسيمًا أو مدفوعًا فيه بعوامل شخصية قصد بها مجرد النكاية أو الإيذاء أو تحقيق منفعة ذاتية له أو لغيره . علة ذلك . انتفاع المتبوع من نشاط تابعه . وجوب تحمل الأول المسئولية عن خطأ الأخير . شرطه . كون الخطأ من الأخطاء اليسيرة الشائعة الملازمة للنشاط والتي تعتبر من مخاطره . تحمل التابع وحده المسئولية عنها من ذمته المالية الخاصة . انطوائُه على إجحافٍ في حقه ومجافاته للمنطق والعدالة وقاعدة الغنم بالغرم . علة ذلك . المواد ٥٨ من ق العاملين بالدولة ٤٦ لسنة ١٩٦٤المقابلة للمادتين ٧٨ / ٣ من ق ٤٧ لسنة ١٩٧٨ و ٥٨ / ٣ من ق ٨١ لسنة ٢٠١٦ ، ٥٧ من ق ٦١ لسنة ١٩٦٤ في شأن هيئة الشرطة المقابلة للمادة ٤٧ / ٣ من ق ١٠٩ لسنة ١٩٧١ .

القاعدة 

المقرر – في قضاء محكمة النقض – أنَّ النصَ في المادة ١٧٥ من التقنين المدني على أنَّ ” للمسئول عن عمل الغير حق الرجوع عليه في الحدود التي يكون فيها هذا الغيرُ مسئولًا عن تعويض الضرر ” ولئن كان يخولُ المتبوعَ إذا رجع عليه المضرورُ واستوفى منه التعويضَ عن الضرر الذي أحدثه تابعُه بعمله غير المشروع حقَ الرجوعِ بما دفعه على التابع ،
(١) إلَّا أنَّه لمَّا كان المتبوعُ الذي يستخدم تابعينَ له في القيام بأعماله ورعاية مصالحه ينتفعُ من نشاطهم ، فإنَّه في المقابل يجبُ أن يتحملَ ما يترتب على هذا النشاط من التزامات أو مسئوليات ناجمة عن خطأ تابعه ، متى كان هذا الخطأُ من الأخطاء اليسيرة الشائعة التي تعتبر من مخاطر نشاط التابع ، فقد خلصت مغانمُه للمتبوع فمن العدل أن يتحملَ مغارمَه ، ذلك أنَّه ليس من المنطق أو العدالة – في علاقة المتبوع بالتابع – أنْ يتحمل التابعُ وحده مسئوليةَ أي خطأ يقع منه ، ولو كان من الأخطاء اليسيرة الشائعة الملازمة للنشاط وتُعدُّ من مخاطره ، لأنَّ تحميل التابع بالتعويض من ذمته المالية الخاصة ينطوي على إجحافٍ في حقه ، إذ يجعل غُنْمَ النشاطِ للمتبوع وغُرْمَه على التابع وحده ، برغم أنَّ الأول هو الأقدرُ على حمل عبء مسئولية هذا الخطأ ،
(٢) ولهذه الاعتبارات سالفة البيان ، فإنَّه يشترط لرجوع المتبوع على التابع بما دفعه من تعويض عن الضرر الذي أحدثه تابعُه بخطئه أنْ يكونَ الخطأُ جسيمًا أو كان مدفوعًا فيه بعوامل شخصية قصد بها مجرد النكاية أو الإيذاء أو تحقيق منفعة ذاتية سواءً له أو لغيره ، وذلك اتباعًا لنهج المشرع في حصر حق المتبوع في الرجوع على تابعه بما حكم به عليه من تعويض في الحالات السابقة بنص المادة ٥٨ من قانون العاملين بالدولة رقم ٤٦ لسنة ١٩٦٤ المقابلة للمادة ٧٨ / ٣ من القانون رقم ٤٧ لسنة ١٩٧٨ و ٥٨ / ٣ من القانون ٨١ لسنة ٢٠١٦ ، وفي المادة ٥٧ من القانون رقم ٦١ لسنة ١٩٦٤ في شأن هيئة الشرطة المقابلة للمادة ٤٧ / ٣ من القانون اللاحق رقم ١٠٩ لسنة ١٩٧١.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضي المقرر / محمد جمال الدين ” القاضي بالمحكمة ” والمرافعة ، وبعد المداولة .
حيث إنَّ الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.

الوقائع

وحيث إنَّ الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أنَّ المطعون ضده الأول بصفته أقام على الطاعن والمطعون ضده الثاني بصفته الدعوى رقم ….. لسنة ٢٠٠٤ مدنى شمال القاهرة الابتدائية ، للحكم بإلزامهما بأن يؤديا له مبلغ مائتي وخمسين ألف جنيه تعويضًا ماديًّا وأدبيًّا تعويضًا عن الأضرار المادية والأدبية ، نتيجة حادث تسبب فيه الطاعن – تابع المطعون ضده الثاني – بخطئه في إصابة المدرب الأجنبي التابع له وإتلاف السيارة ، وحُرر عن تلك الواقعة جنحةٌ عسكرية قضى فيها بحكمٍ باتٍ ، وجه المطعونُ ضده الثاني بصفته دعوى ضمان فرعية ضد تابعه – الطاعن – للحكم عليه بما عسى أن يحكم به ضده ، وجه الطاعنُ دعوى فرعية على المطعون ضده الثاني ، بطلب إلزامه بأنْ يؤدى إليه بما عسى أن يحكم به نهائيًّا ضده وإلزامه بمبلغ خمسين ألف جنيه تعويضًا عما أصابه من أضرار نتيجة تنفيذ أوامره .
ندبت المحكمة خبيرُا ، وبعد أنْ أودع تقريره ، قضت المحكمة في الدعوى الأصلية بإلزام الطاعن والمطعون ضده الثاني بصفته بأنْ يؤديا بالتضامم للمطعون ضده الأول بصفته مبلغ سبعين ألف تعويضًا ماديًّا وثلاثين ألف جنيه تعويضًا أدبيًّا ، وفى الدعوى الفرعية المقامة من المطعون ضده الثاني بصفته بإلزام الطاعن بأن يؤديَ له ما تم إلزامُه بأدائه في الدعوى الأصلية ، وبرفض الدعوى الفرعية المقامة من الطاعن .
استأنف المطعونُ ضده الثاني هذا الحكمَ أمام محكمة استئناف القاهرة ” مأمورية شمال القاهرة ” بالاستئناف رقم …… لسنة ١٦ ق ، كما استأنفه المطعونُ ضده الأول برقم …… لسنة ١٧ ق أمام ذات المحكمة ، كما استأنفه الطاعنُ برقم …… لسنة ١٧ ق أمام ذات المحكمة ، وبعد أنْ ضمت الاستئنافات قضت المحكمة بتاريخ ٩ / ١٢ / ٢٠١٣ بتعديل مبلغ التعويض ليكون سبعين ألف جنيه تعويضًا ماديًّا وأدبيًّا .
طعن الطاعنُ في هذا الحكم بطريق النقض ، وقدمت النيابةُ مذكرةً أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه نقضًا جزئيًّا عُرض الطعنُ على المحكمة ، في غرفة مشورة ، فحددت جلسة لنظره ، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إنَّ مما ينعاه الطاعنُ على الحكم المطعون فيه مخالفةَ القانون والخطأَ في تطبيقه ، إذ قضى بإلزام الطاعن بالتعويض المحكوم به ، برغم ثبوت مسئولية المتبوع – المطعون ضده الثاني بصفته – عن كافة أعمال تابعه – الطاعن – ، مما يعيبُ الحكم ، ويستوجبُ نقضه .
وحيث إنَّ هذا النعيَ سديدٌ ، ذلك بأنَّ النصَ في المادة ١٧٥ من التقنين المدني على أنَّ ” للمسئول عن عمل الغير حق الرجوع عليه في الحدود التي يكون فيها هذا الغيرُ مسئولًا عن تعويض الضرر ” ولئن كان يخولُ المتبوعَ إذا رجع عليه المضرورُ واستوفى منه التعويضَ عن الضرر الذي أحدثه تابعُه بعمله غير المشروع حَقَ الرجوعِ بما دفعه على التابع ،
إلَّا أنَّه لمَّا كان المتبوعُ الذي يستخدم تابعينَ له في القيام بأعماله ورعاية مصالحه ينتفعُ من نشاطهم ، فإنَّه في المقابل يجبُ أن يتحملَ ما يترتب على هذا النشاط من التزامات أو مسئوليات ناجمة عن خطأ تابعه ، متى كان هذا الخطأُ من الأخطاء اليسيرة الشائعة التي تعتبر من مخاطر نشاط التابع ، فقد خلصت مغانمُه للمتبوع فمن العدل أن يتحملَ مغارمَه ، ذلك أنَّه ليس من المنطق أو العدالة – في علاقة المتبوع بالتابع – أنْ يتحمل التابعُ وحده مسئوليةَ أي خطأ يقع منه ، ولو كان من الأخطاء اليسيرة الشائعة الملازمة للنشاط وتُعدُّ من مخاطره ، لأنَّ تحميل التابع بالتعويض من ذمته المالية الخاصة ينطوي على إجحافٍ في حقه ، إذ يجعل غُنْمَ النشاطِ للمتبوع وغُرْمَه على التابع وحده ، برغم أنَّ الأول هو الأقدرُ على حمل عبء مسئولية هذا الخطأ.
ولهذه الاعتبارات سالفة البيان ، فإنَّه يشترط لرجوع المتبوع على التابع بما دفعه من تعويض عن الضرر الذي أحدثه تابعُه بخطئه أنْ يكونَ الخطأُ جسيمًا أو كان مدفوعًا فيه بعوامل شخصية قصد بها مجرد النكاية أو الإيذاء أو تحقيق منفعة ذاتية سواءً له أو لغيره ، وذلك اتباعًا لنهج المشرع في حصر حق المتبوع في الرجوع على تابعه بما حكم به عليه من تعويض في الحالات السابقة بنص المادة ٥٨ من قانون العاملين بالدولة رقم ٤٦ لسنة ١٩٦٤ المقابلة للمادة ٧٨ / ٣ من القانون رقم ٤٧ لسنة ١٩٧٨ و ٥٨ / ٣ من القانون ٨١ لسنة ٢٠١٦ ، وفي المادة ٥٧ من القانون رقم ٦١ لسنة ١٩٦٤ في شأن هيئة الشرطة المقابلة للمادة ٤٧ / ٣ من القانون اللاحق رقم ١٠٩ لسنة ١٩٧١.

الحكم

لمَّا كان ذلك ، وكان الحكمُ المطعون فيه قد أيدَّ الحكم الابتدائي فيما قضى به في دعوى الضمان الفرعية المقامة من المطعون ضده الثاني على الطاعن بإلزامه بالتعويض المحكوم به ، دون أن يستظهر ما إذا كان الخطأ الذي ارتكبه الطاعن جسيمًا أو مدفوعًا فيه بعوامل شخصية ، بما يجيز للمطعون ضده الثاني المتبوع حق الرجوع على الطاعن التابع بالتعويض المحكوم به عليه من عدمه ، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيبًا بالقصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون ، بما يوجب نقضه والإحالة.

سكرتير الجلسة                    رئيس المحكمة