ما حكم زواج المحلل بغرض عودة زواج الزوجة المبتونة لزوجها الأول ؟؟

 في التقرير التالي تلقي «الناس و القانون» الضؤ علي نكاح التحليل ، و ما حكم زواج المحلل بغرض عودة الزوجة لزوجها الأول في ضوء القانون والشرع … بقلم الخبير القانوني  «أشرف فؤاد» المحامي بالنقض.

تعريف النكاح شرعاً

هو عقد يرتبط بموجبه رجل وامراءة بموجب ايجاب مقترن ومرتبط بقبول بمجلس عقد شرعي أمام شهود عدول علي صداق مسمي ، وولي للمرأة ، بغرض تكوين أسرة علي سبيل الدوام والاستقرار في اطار المودة والرحمة وحسن المعاشرة بغية بقاء النسل لتحقيق الاستقرار الأسري والمجتمعي.

من ثم فإن للزواج مقاصد كبرى ، فهو ليس مجرد عقد بين فردين للمتعة، بل إن بقاء النسل والمحافظة عليه إحدى الضرورات الخمس التي جاءت الشرائع لحمايتها وصيانتها من النقص والعبث والابتذال. ومن أهم تلك المقاصد حماية المجتمع من الرذيلة، وإشاعة الفضيلة بل وحماية العقل، والزواج المستقر أحد وسائل حمايته.

يثور السؤال لدي الكثيرين : ما هو حكم زواج المحلل بغرض عودة الزوجة لزوجها الأول؟

 يعرف «نكاح التحليل» بأن هو أن ينكح المرأة شخص يسمى «المحلل» من أجل أن يحلها لزوجها الأول ثم يطلقها، فهل ذلك الزواج  حرام وباطل أم حلال؟

لما كان الغرض من النكاح “الزواج” استقرار الحياة الزوجية فإن ما يعرف بــ «نكاح التحليل»  هو نكاح محرم وباطل شرعاً ، ولا تحل به المرأة لزوجها الأول. فإذا طلق رجل امرأته ثلاثاً لم تحل له  إلا بعد أن يتزوجها زوج آخر زواجاً صحيحاً يطؤها فيه في فرجها، ثم يطلقها لقوله صلى الله عليه وسلم لامرأة رفاعة : أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟ لا، حتى يذوق عسيلتك وتذوقي عسيلته. متفق عليه.

وروى ابن أبي شيبة في المصنف، عن عمر رضي الله عنه أنه قال: لا أوتى بمحلل ولا محلل له إلا رجمتهما.

كما روى أبو داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ»، موضحة أن الْمُحَلِّلَ هو من تزوجها ليحلها لزوجها الأول، وَالْمُحَلَّلَ له هو زوجها الأول، منوهة بأن اللعن أي الطرد من رحمة الله تعالى.

كما جاء في حديث آخر رواه ابن ماجة عن عقبة بن عامر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِالتَّيْسِ الْمُسْتَعَارِ؟ قَالُوا: بَلَى، يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ : هُوَ الْمُحَلِّلُ، لَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ، وَالْمُحَلَّلَ لَهُ».

والتيس في اللغة هو الذكر من الظباء والمعز والوعول.

ومن ثم جاء الشرع بوصف الرجل الذي يتزوج المرأة المطلقة ثلاثا ليحلها لزوجها الأول  بأنه تيس مستعار كما جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم. إذ قال: ألا أخبركم بالتيس المستعار؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال هو المحل. ثم قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم: لعَنَ اللهُ المُحَلِّلَ والمُحَلَّلَ له.

كما روي عن ابن عمرو رضى الله عنهما، أنه سئل عن تحليل المرأة لزوجها؛ فقال ذاك السفاح، أي الزنا.

نجد أن موقف الشرع هو تحريم «زواج المحلل» أي تحريم النكاح الذي يقصد منه التحليل لآنه يمثل سلوك خسيس احتيالي بطرق فيها تحايل على أحكام الشريعة، ويعد (التحليل) من كبائر الذنوب؛ لأن اللعن لا يكون إلاَّ على ذنبٍ هو من أشد الذنوب، ويعد هذا النكاح باطل؛ فلا يحصل بنكاح المحلل الإباحة للزوج الأول, ولا يحل للمحلِّل إمساكها بل يجب عليه فراقها.

مؤخراً أصدرت دار الإفتاء المصرية بيانًا بتحريم زواج المحلل (نكاح التحليل) وهو زواج شخص من امرأة بقصد تحليل عودتها لزوجها الأول بعد الطلاق للمرة الثالثة.

لقد جاء الشَّارعُ الحَكيمُ بما يَحفَظُ الأنفُسَ والأعراضَ والهَيْئاتِ وغيرَ ذلك، وحرَّم ما يَنقُصُ مِنها أو يَعمَلُ على إلغائِها، والزَّواجُ والطَّلاقُ مِن أخَصِّ الأمورِ وألْصَقِها بالأعراضِ والهَيْئاتِ التي يَجِبُ الحِفاظُ عليها.

عقد الزواج يجب أن يكون دائمًا غير مؤقت بمدة معينة، ولو ترتب عليه مدة محددة او غير محددة كان فاسدًا، وعلى القاضي أن يحكم بفسخ العقد لأنه كان بنية التحليل، ولم يحدث فيه دخول.

شروط النكاح الذى يحصل به التحليل للزوج الأول 

قال تعالي : فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىٰ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ ۗ فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ ۗ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ .

ويشترط في الزواج من شخص أخر بالمرأة المطلقة ثلاث عدة شروط هامة هي :

الشرط الأول: أن يكون نكاحا صحيحا 

أن يكون نكاحا صحيحا مستوفيا أركان انعقاد عقد الزواج وشروط صحته، فلو كان العقد فاسدا – كالنكاح دون شهود أو نكاح المتعة- لم يحصل به التحليل وإن دخل بها؛ لأن النكاح الفاسد ليس بنكاح حقيقة، ومطلق النكاح ينصرف إلى ما هو نكاح حقيقة على الراجح من أقوال الفقهاء .

الشرط الثانى: أن يدخل بها الزوج الثانى دخولا حقيقيا

أن يدخل بها الزوج الثانى دخولا حقيقيا ، فلا يكفي مجرد العقد الصحيح دون الدخول؛ لما ثبت عن عائشة رضي الله عنها، قالت: جاءت امرأة رفاعة القرظى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: كنت عند رفاعة، فطلقنى، فأبت طلاقى، فتزوجت عبد الرحمن بن الزبير إنما معه مثل هدبة الثوب، فقال: «أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟ لا، حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك».

الشرط الثالث : أن يكون النكاح الثانى بنية استدامة العشرة بينهما

أن يكون النكاح الثانى بنية استدامة العشرة بينهما وخاليا من التأقيت والتحليل؛ لأن الأصل فى عقد الزواج فى الشريعة الديمومة والاستمرار، ويظهر هذا واضحا من خلال تحريم الإسلام لكل زواج مؤقت، قال الإمام النووي – رحمه الله : النكاح المؤقت باطل، سواء قيد بمدة مجهولة أو معلومة، وهو نكاح المتعة.