عقوبة الإعدام

في التقرير التالي تلقي “الناس و القانون” الضوء علي ماهية عقوبة الإعدام ، وتطبيق عقوبة الاعدام في مصر ،و وبعض الدول الاخري ، ووسائل تنفيذ عقوبة الاعدام، وموقف منظمة العفو الدولية (Amnesty International) من تطبيق عقوبة الاعدام …، بقلم “أشرف فؤاد” المحامي بالنقض.

تعريف الإعدام

الإعدام هو قتل شخص وازهاق روحه وموته بإجراء قضائي من أجل العقاب أو الردع العام والمنع.

جرائم الإعدام

جرائم الإعدام هي التي تؤدي إلى الحكم بهذة العقوبة ويطلق عليها جنايات الإعدام.

غالبية التشريعات والمجتمعات تقريبًا تطبق عقوبة الإعدام ، الا ان هناك مجتمعات تمنع عقوبة الإعدام، لاسيما المادة الثانية من ميثاق الحقوق الأساسية للإتحاد الأوروبي يمنع تطبيق هذه العقوبة. كما ترى منظمة العفو الدولية أن معظم الدول مؤيدة لإبطال هذه العقوبة. مما أتاح للأمم المتحدة حالياً أن تعطي صوتًا بتأييد صدور قرار غير ملزم لإلغاء عقوبة الإعدام. الا أن أكثر من 60% من سكان العالم يعيشون في دول تطبق عقوبة الاعدام ، أهمها الأربعة دول الأكثر عدد سكانًا وهي جمهورية الصين الشعبية و الهند و الولايات المتحدة الأمريكية و إندونيسيا تطبق عقوبة الإعدام.

جمهورية مصر العربية وعقوبة الاعدام

جمهورية مصر العربية أيضاً تطبق عقوبة الإعدام في نظامها القضائي والقانوني، كما أن مفتي الديار المصرية يعد المسؤول بموجب القانون المصري لمراجعة جميع أحكام الإعدام في مصر. ورأيه من الناحية القانونية استشاري وغير ملزم لمحكمة الجنايات التي أصدرت حكم الإعدام يمكنها الاخذ به أو الإلتفات عنه دون معقب.

جاء في تقرير المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة عام 2012، ان ” إسهاب المشرع المصري في تقرير هذه العقوبة القاسية “،  حيث أشارأن مئة وخمسة من الأفعال الإجرامية يعاقب مرتكبيها بالإعدام، وأضاف : ” تتجلى خطورة هذا الإسهاب إذا ما تم إيلاء الاعتبار إلى أن العديد من هذه الأفعال لا تدخل في نطاق ‘الجرائم الأشد خطورة’ ” وعدم تناسبها مع خطورة عقوبة الاعدام، وهذا التقرير وصل لدرجة تصفه بإساءة استعمال الحق في تقرير العقاب، وعدم احترام أو تقديس الحياة الإنسانية، بل الاستهانة بأهمية حماية الحق في الحياة.

قانون العقوبات المصري نص على الجرائم المعاقب عليها بالإعدام رقم 58 لسنة 1937 ، حيث نص في المادة الأولى منه على إلغاء قانون العقوبات الجاري العمل به أمام المحاكم الأهلية، كما نص في المادة الثانية منه على وجوب تنفيذ هذا القانون ويعمل به من 15 أكتوبر 1937 . فضلاً عن انه نص أضاً على أنواع الجرائم بشكل عام وصنفها إلى ثلاثة أقسام هي (الجنايات والجنح والمخالفات),

تعرف الجنايات بشكل عام بأنها الجرائم المعاقب عليها بالعقوبات الآتية: (الإعدام، الأشغال الشاقة المؤبدة، والأشغال الشاقة المؤقتة).

نص قانون العقوبات المصري على أن كل محكوم عليه بالإعدام يشنق.

 كما نص المادة (25) من قانون العقوبات المصري على أن كل حكم بعقوبة جناية يستلزم حرمان المحكوم عليه من الحقوق والمزايا الآتية:

1 ــ  القبول في أية خدمة في الحكومة مباشرة أو بصفة متعهد أو ملتزم أياً كانت أهمية الخدمة.

2 ــ  التحلي برتبة أو نشان.

3 ــ  الشهادة أمام المحاكم مدة العقوبة إلا على سبيل الاستدلال.

4 ــ  إدارة أشغاله الخاصة بأمواله وأملاكه ويعين قيماً لهذه الإدارة بواسطة المحكمة.

5 ــ  بقائه من يوم الحكم عليه عضواً في أياً من المجالس المحلية، أو البلدية، أو أي لجنة عمومية.

6 ــ  صلاحيته لأن يكون خبيراً أو شاهداً في العقود إذا حكم عليه نهائياً بالأشغال الشاقة.

 الجرائم المعاقب عليها بالإعدام في قانون العقوبات المصري

الجرائم التي يعاقب عليها القانون المصري بالإعدام هي:

أولاً: القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد :

الإصرار السابق هو القصد المصمم عليه قبل الفعل لارتكاب جنحة أو جناية يكون غرض المصر منها إيذاء شخص معين أو أي شخص غير معين وجده أو صادفه سواء كان هذا القصد معلق على حدوث أمر أو موقوفاً على شرط. بينما الترصد هو تربص الإنسان لشخص في جهة أو جهات كثيرة مدة من الزمن طويلة كانت أو قصيرة ليتوصل إلى قتل ذلك الشخص أو إيذائه بالضرب ونحوه.

 أما من قتل نفساً من غير سابق إصرار أو ترصد يعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة ومع ذلك يحكم على فاعل هذه الجناية بالإعدام إذا تقدمتها أو اقترنت بها أو تلتها جناية أخرى.

 وكذلك يحكم بالإعدام إذا كانت الجريمة قد ارتكبت لغرض إرهابي.

كذلك فالمشاركون في القتل الذي يستوجب الحكم على فاعله بالإعدام أو بالأشغال الشاقة المؤبدة.

 ثانيا: جنحه الشهادة الزور إذا ادت إلى الإعدام:

جاء بالمادة 295 من قانون العقوبات المصري ان شهادة الزور إذا ادت إلى الإعدام قد تصل عقوبة الشاهد الإعدام وذلك في حالة ما إذا ترتب على هذه الشهادة الحكم على المتهم المشهود عليه بعقوبة الإعدام وتم تنفيذ هذه العقوبة عليه فعلا. ومن ثم يحكم على المتسبب في هذه الحالة وهو الشاهد الزور بذات العقوبة وهي الإعدام أما في غير هذه الحالة فإن العقوبة تتراوح بين السجن المؤقت من 3 إلى 15 سنة والحبس حسب نوع الجريمة أو الدعوى التي شهد فيها.

اشهر الجرائم التي حكم فيها بعقوبة الإعدام في مصر

1 ــ جريمة ملعب نادي بورسعيد 2013 (قضية بور سعيد الرياضي)

بتاريخ 26 يناير 2013، حكمت محكمة الجنايات المصرية حكما بالإعدام لعدد 21 شخصا أدينوا بالمشاركة في هجوم كبير من قبل مشجع النادي المصري ضد مشجعي النادي الأهلي الرياضي في ملعب نادي بورسعيد في 1 فبراير 2012. أدي الهجوم الي وفاة 74 شخصا في أعمال العنف التي اندلعت في بورسعيدالمصري، وتم الحكم بالإعدام على 21 شخصا لدورهم  الرئيسي في كارثة ملعب نادي بورسعيد.

2 ــ جريمة الإخوان التي حكم فيها يوم 24 إبريل 2014 على 683 شخصا بالإعدام (محاكمات 2014 الجماعية)

بتاريخ 24 إبريل 2014 على 683 شخصا بالإعدام وذلك في خضم الاضطراب السياسي فما بعد انقلاب 2013 في مصر،  في قضية عرفت بجريمة انقلاب الإخوان المسلمين ، ومن ضمن المحكوم علهم بالاعدام المرشد العام للجماعة محمد بديع، وتم تأكيد أحكام الإعدام علي 37 من 529 13. وحُكم على كُل المتهمين الذين لم يتم تأييد أحكام الإعدام عليهم في القضية الأولى بالسجن لمدة 25 عامًا.

صدر الحكم من السيد القاضي / سعيد يوسف. نقض حكم الإعدام على 429 منهم، استبدل معظمها بالسجن المؤبد.

يشترط القانون المصري في الحكم بالاعدام بعد أخذ رأي مفتي الديار المصرية يتم المصادقة على أحكام الإعدام من قبل رئيس المحكمة. وأن رأي المفتي للقاضي سريّ. وحكم الإدانة بالإعدام خاضع للمراجعة من قبل محاكم الاستئناف.

منظمة العفو الدولية وعقوبة الاعدام

يُقتل أشخاص كثيرين على أيدي حكومات الدولة وذلك عقابا لهم على طائفة واسعة من “الجرائم”. فأحياناً يكون بسبب جرائم متعلقة بالمخدرات ، أوبسبب الأعمال المرتبطة بالإرهاب والقتل العمد.

هناك كذلك بعض الدول تقوم بإعدام أشخاص تقل أعمارهم عن 18 عاماً عند ارتكبهم بعض الجرائم، كما ان هناك دول أخرى تستخدم عقوبة الإعدام ضد أشخاص أصحاب دوي إعاقات عقلية، وهناك أيضاً دول كثيرة تطبق عقوبة الإعدام إثر محاكمات جائرة – في انتهاك صارخ للقانون والمعايير الدولية.

 يزيد الامر قسوة أن يقضي المحكوم عليهم بالإعدام سنوات في انتظار تنفيذ حكم الإعدام، فمتى سيتم إعدامهم، ومتي سيرون عائلاتهم للمرة الأخيرة.

منظمة العفو الدولية عقوبة الإعدام تعد انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان

منظمة العفو الدولية تعارض تماماً عقوبة الإعدام وتري ان عقوبة الإعدام تعد انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان في جميع الحالات دون استثناء بغض النظر عن طبيعة الجريمة من حيث جسامتهاأو ظروفها وملابساتها؛ أو الشعور بالذنب أو البراءة أو الخصائص الأخرى للفرد؛ أو الطريقة التي تستخدمها الدولة في تنفيذ عملية الإعدام.

لماذا تعتبر عقوبة الإعدام انتهاكاً لحقوق الإنسان؟

منظمة العفو الدولية تعتبرعقوبة الإعدام انتهاكاً لحقوق الإنسان، حيث الحق في الحياة والحق في عدم التعرض للتعذيب أو المعاملة قاسية أو العقوبة اللاإنسانية القاتلة أو المهينة. وهي حقوق كفلهما الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي اعتمدته الأمم المتحدة في 1948.

اعتمد المجتمع الدولي مؤخراً العديد من البروتوكول تهدف إلى إلغاء عقوبة الإعدام ، أهمها:

1 ــ البروتوكول رقم 6 الملحق بالاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، والمتعلق بإلغاء عقوبة الإعدام، والبروتوكول رقم 13 الملحق بالاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، فيما يتعلق بإلغاء عقوبة الإعدام في جميع الظروف.

2 ــ البروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والذي يهدف إلى إلغاء عقوبة الإعدام.

3 ــ بروتوكول الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان لإلغاء عقوبة الإعدام.

وتري منظمة العفو الدولية أنه على الرغم من أن القانون الدولي أكد على أن استخدام عقوبة الإعدام يجب أن يقتصر على الجرائم الأشد خطورة (القتل)، الا ان عقوبة الإعدام ليست هي الحل الاكيد مطلقاً ، فعقوبة الإعدام هي أحد أعراض ظاهرة العنف، وليست حلاً لها ..وفقاً لمنظمة العفو الدولية .

أهم الطرق المستخدمة لتنفيذ أحكام الإعدام

الشنق.

الرمي بالرصاص.

قطع الرأس.

الصعق الكهربائي.

الحقنة المميتة.

هل تنفذ عقوبة الإعدام علي الأحداث؟

ان القانون الدولي لحقوق الإنسان يحظر استخدام عقوبة الإعدام ضد الأشخاص من هم دون 18 عاماً. الا ان هناك بعض الدول تحكم بالإعدام على المتهمين الأحداث وتعدمهم. وتعتبر وهي قليلة مقارنة بالعدد الإجمالي لعمليات الإعدام التي سجلتها منظمة العفو الدولية في كل عام.

وثقت منظمة العفو الدولية تنفيذ 152 عملية إعدام على الأقل بحق أشخاص كانوا دون 18 عامًا  في غضون عام 1990عند ارتكاب بعض الجرائم في عشرة بلدان هي : الصين، جمهورية الكونغو الديمقراطية، وإيران، ونيجيريا، وباكستان، والمملكة العربية السعودية، والسودان، وجنوب السودان، والولايات المتحدة الأمريكية، واليمن.

هناك العديد من هذه الدول عملت علي تغيير قوانينها لاستبعاد عقوبة الإعدام علي الاحداث. ومن اهم الدول التي قامت بإعدام أشخاص كانوا دون 18 عامًا عند ارتكاب الجريمة هي دولة إيران بنسبة تزيد عن الضعف عن تسعة بلدان أخرى مجتمعة.

الدول التي تٌنفّذ حاليا عقوبة الإعدام

في غضون عام 2020، نُفّذت معظم احكام الإعدام في الصين وإيران ومصر والعراق والمملكة العربية السعودية ، الا ان الصين لا تزال الصين أكبر منفّذ لأحكام الإعدام في العالم .

كم عدد الأشخاص الذين يتم إعدامهم كل عام؟

في غضون عام 2020، سجّلت منظمة العفو الدولية ما لا يقل عن 483 عملية إعدام في 18 بلداً، أي أقل بنسبة 26 في المائة من 2019 (657 عملية إعدام على الأقل)، وهذا أدنى عدد من عمليات الإعدام توثقه منظمة العفو الدولية منذ عقد على الأقل.

كم عدد أحكام الإعدام التي تصدر كل عام؟

في غضون عام 2020، سجّلت منظمة العفو الدولية تنفيذ ما لا يقل عن 1477 حكماً بالإعدام في 54 بلداً، وهو ما يمثل انخفاضاً بنسبة 36% عن الرقم البالغ 2307 الذي تم تسجيله في 2019. ومن المعروف أن 28567 شخصاً على الأقل كانوا ينتظرون تنفيذ أحكام الإعدام عالمياً في نهاية 2020.

ينبغي إلغاء عقوبة الإعدام .. لماذا ؟

1 ــ قد تقع أخطاء في الأحكام. والإعدام تنفيذه نهائي ولا يمكن تداركه حيث لا يمكن أبداً استبعاد خطر إعدام شخص بريء. خير مثال في غضون عام 1973، كان هناك أكثر من 184 سجينًا في انتظار تنفيذ حكم الإعدام في الولايات المتحدة؛ وفي وقت لاحق، تمت تبرئتهم، أو أفرج عنهم، استناداً إلى ثبوت براءتهم. وأعدم آخرون على الرغم من وجود شكوك حول إدانتهم.

2 ــ عقوبة الإعدام غير رادعة للجريمة. ان البلدان التي تنفذ عقوبة الإعدام على أنها وسيلة لردع الناس عن ارتكاب الجرائم، ترتكب فيها ابشع الجرائم كالقتل والاغتصاب بكثرة دون ردع رغم الإعدام.

3 ــ غالبا ما تستخدم عقوبة الإعدام في إطار أنظمة العدالة المنحرفة، حيث سجلتها منظمة العفو الدولية، العديد من الحالات تم إعدام أشخاص بعد إدانتهم في محاكمات بالغة الجور، استناداً على أدلة مشوبة بالتعذيب، وعدم التمثيل القانوني المناسب. وفي بعض البلدان، تُفرض أحكام الإعدام باعتبارها عقوبة إلزامية بالنسبة لجرائم معينة، مما يعني أن القضاة غير قادرين على النظر في ظروف ارتكاب الجريمة أو ظروف المدعى عليه قبل إصدار الحكم.

4 ــ إنها عقوبة تنطوي على التمييز. فهؤلاء الذين ينحدرون من أصول اجتماعية أو اقتصادية أشد حرماناً، أو ينتمون إلى أقليات عنصرية أو عِرقية أو دينية، هم أكثر من تُفرض عليهم عقوبة الإعدام بشكل غير متناسب. ومن مظاهر هذا التمييز افتقار هؤلاء إلى سبل الحصول على تمثيل قانوني، على سبيل المثال، أو تضرُّرهم [تعرُّضهم للضرر] بصورة أكبر في تعاملهم مع نظام القضاء الجنائي.  

5 ــ يتم استخدام عقوبة الإعدام كأداة سياسية. وتستخدم السلطات في بعض البلدان، إيران والسودان، عقوبة الإعدام لمعاقبة المعارضين السياسيين.

مازال نضال منظمة العفو الدولية لإلغاء عقوبة الإعدام

منظمة العفو الدولية تناضل من أجل إلغاء عقوبة الإعدام في جميع أنحاء العالم منذ أكثر من أربعين عاماً.. حيث بدأت منظمة العفو نضالها عام 1977، حيث كانت هناك 16 دولة فقط قد ألغى عقوبة الإعدام تماماً. وحالياً ارتفع عدد الدول التي ألغى عقوبة الإعدام تماماً إلى 108 دولة ، أي أكثر من نصف دول العالم. وما زالت منظمة العفو الدولية تعنل علي مواصلة النضال من اجل إنجاز إلغاء عقوبة الإعدام بجميع دول العالم.