محكمة النقض المصرية في الطعن رقم ١٤٠١٦ لسنة ٨٨ قضائية (عدم تقيد محكمة الموضوع بالقيد و الوصف الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم)

تلقي ” الناس والقانون” الضوء علي حكم محكمة النقض المصرية في الطعن رقم ١٤٠١٦ لسنة ٨٨ قضائية المتعلق بعدم تقيد محكمة الموضوع بالقيد و الوصف الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم، ونستعرض لحكم محكمة النقض كما جاءت بحيثيات الحكم , بقلم: أشرف فؤاد، المحامي.
الحكم
باسم الشعب
محكمة النقض المصرية
الطعن رقم ١٤٠١٦ لسنة ٨٨ قضائية
الدائرة الجنائية
جلسة السبت ( و ) الموافق ١٣ من فبراير سنة ٢٠٢١
برئاسة السيد المستشار/ نـبــيـــــــــــــــــه زهــــــــــــــــــــران نـــائـــــــب رئيـــس المحـكمــــــة
وعضوية الســـــادة المستشاريـــن/أحــــمــــــــــــد الخـــــــولــــــــــــي ، ومحــــمـــــد عبــــــد الحـــــليـــــــــم
ود/ كــــــــاظـــــــــــم عـــــطيـــــــــــة ، وأشـــــــــــــــــــــرف خيـــــــــــــــــــــرى نـــــــواب رئيــــس المحــكــمـــة

العنوان :

مواد مخدرة . تفتيش ” اذن التفتيش. إصداره “. استدلالات . محكمة الموضوع ” سلطاتها في تقدير جدية التحريات “. نقض ” أسباب الطعن . ما لا يقبل منها “. مأمورو الضبط القضائيالموجز : تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش موضوعي . تولي رجل الضبط القضائي بنفسه التحريات التي يؤسس عليها طلب إذن التفتيش. غير لازم. له الاستعانة بمعاونيه من رجال السلطة العامة والمرشدين السريين أو غيرهم. عدم الإفصاح عن شخصية المرشد من مأمور الضبط القضائي. لا يعيب الإجراءات.
(١) حكم ” بيانات التسبيب “” تسبيبه . تسبيب غير معيب ” .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وإيراده أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها . لا قصور.
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة . كفاية أن يكون ما أورده مؤديا لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها.
(٢) مواد مخدرة . تفتيش ” اذن التفتيش. إصداره “. استدلالات . محكمة الموضوع ” سلطاتها في تقدير جدية التحريات “. نقض ” أسباب الطعن . ما لا يقبل منها “. مأمورو الضبط القضائي.
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش موضوعي.
تولي رجل الضبط القضائي بنفسه التحريات التي يؤسس عليها طلب إذن التفتيش. غير لازم. له الاستعانة بمعاونيه من رجال السلطة العامة والمرشدين السريين أو غيرهم.
عدم الإفصاح عن شخصية المرشد من مأمور الضبط القضائي. لا يعيب الإجراءات.
(٣) مواد مخدرة . أمر الضبط والإحضار . تلبس . تفتيش ” تفتيش بغير إذن ” . مأمورو الضبط القضائي ” اختصاصاتهم ” . دفوع ” الدفع ببطلان القبض والتفتيش ” . دفاع ” الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره “. محكمة الموضوع ” سلطتها في تقدير الدليل “. حكم ” تسبيبه. تسبيب غير معيب “. نقض ” أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ” .
الأمر بالضبط هو في حقيقته أمر بالقبض . لا يفترق عنه إلا في مدة الحجز فحسب . جواز تفتيش المتهم كلما جاز القبض عليه قانوناً . المادة ٤٦ من قانون الإجراءات الجنائية . التفات المحكمة عن الرد على دفاع ظاهر البطلان . لا عيب .
مثال لرد سائغ على الدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس .
(٤) إثبات ” بوجه عام” . قصد جنائي . مواد مخدرة . محكمة الموضوع ” سلطتها في تقدير الدليل ” . حكم ” تسبيبه . تسبيب غير معيب “. نقض ” أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ” .
لا تناقض في أن ترى المحكمة في أقوال الضابط ما يكفي لإسناد واقعة إحراز المخدر للمتهم ، ولا ترى ما يقنعها بأن هذا الإحراز كان بقصد الاتجار .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز إمام محكمة النقض .
(٥) إجراءات “إجراءات المحاكمة”. محكمة الموضوع “سلطتها في تعديل وصف التهمة “. دفاع “الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره.” حكم “تسبيبه. تسبيب معيب”. وصف التهمة.
عدم تقيد المحكمة بالوصف الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم. حقها في تعديله متى رأت أن ترد الواقعة إلى الوصف القانوني السليم. اقتصار التعديل على استبعاد قصد الاتجار باعتباره ظرفا مشددا في جريمة حيازة المخدر. لا يقتضي تنبيه الدفاع .
(٦) محكمة الموضوع ” سلطتها في تقدير الدليل ” . نقض ” أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ” .
تقدير الدليل . موضوعي .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض

الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن فى القضية رقم …. لسنة ٢٠١٨ جنايات مركز رشيد والمقيدة برقم …. لسنة ٢٠١٨ كلى شمال دمنهور، بأنه فى يوم ١٠ من يناير سنة ٢٠١٨ بدائرة مركز رشيد ـــ محافظة البحيرة ، أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً (حشيش) فى غير الأحوال المصرح بها قانوناً.
وأحالته إلى محكمة جنايات دمنهور لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً فى ١٧ من مارس سنة ٢٠١٨ عملاً بالمواد ١، ٢، ٣٨/١، ٤٢/١ من القانون رقم ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ المعدل، والبند رقم ٥٦ من القسم الثانى من الجدول رقم ١ المرفق بالقانون الأول. بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه مبلغ خمسين ألف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط باعتبار أن الإحراز للمواد المخدرة بغير قصد من القصود المسماة.
فقرر المحكوم عليه الطعن فى هذا الحكم بطريق النقض فى ١٠ من إبريل سنة ٢٠١٨، وأودعت مذكرة بأسباب الطعن فى ١٠ من مايو سنة ٢٠١٨ موقعاً عليها من المحامى/ ….

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر ، والمرافعة ، وبعد المداولة قانوناً :
من حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر فى القانون.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز جوهر ” الحشيش ” المخدر بدون قصد من القصود المسماة قد شابه القصور والتناقض فى التسبيب والفساد فى الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن أسبابه جاءت غامضة مبهمة ولم يلم بوقائع الدعوى وأدلتها، واطرح برد قاصر غير سائغ دفعه ببطلان إذن النيابة العامة لعدم جدية التحريات بدلائل عددها، والتفت عن دفاعه بتجاوز مأمور الضبط القضائى لحدود الإذن الصادر بشأن أنه كان قاصراً على تفتيش مسكن وملحقات الطاعن ولم يرد به التصريح بتفتيش شخصه لعدم شموله بالإذن وفى غير حالات التلبس، عول فى الإدانة على تحريات الشرطة وأقوال الضابط شاهد الإثبات، بينما لم يعتد بها عند التحدث عن قصد الاتجار ونفى توافره فى حق الطاعن، هذا إلى أن المحكمة عدلت وصف التهمة من إحراز بقصد الاتجار إلى إحراز مجرد من القصود على الرغم من خلو الأوراق من ثمة أدلة تدين الطاعن كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التى دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها فى حقة أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على إنها محصتها التمحيص الكافى وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغى عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة، وإذ كان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التى وقعت فيها ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً فى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون،
ومن ثم فإن منعى الطاعن بأن الحكم قد شابه الغموض والإبهام وعدم الإلمام بوقائع الدعوى وأدلتها يكون لا محل له.
لما كان ذلك ، وكان تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التى يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ، ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بتوافر مسوغات إصدار هذا الأمر .
كما هو الشأن فى الدعوى الراهنة – فلا يجوز المجادلة فى ذلك أمام محكمة النقض. وإذ كان القانون لا يوجب حقاً أن يتولى رجل الضبط القضائى بنفسه مراقبة الأشخاص المتحرى عنهم أو أن يكون على معرفة سابقة بهم وله أن يستعين فيما يجريه من تحريات أو أبحاث أو ما يتخذه من وسائل التفتيش بمعاونيه من رجال السلطة العامة والمرشدين السريين ومن يتولون إبلاغه عما وقع بالفعل من جرائم مادام أنه اقتنع شخصياً بصحة ما نقلوه وبصدق ما تلقاه من معلومات، وكان مجرد عدم إيراد أسماء عملائه ومصدر حصوله على المخدر بفرض حصوله لا يقطع بذاته فى عدم جدية التحرى، ومن ثم فإن النعى على الحكم فى كل ذلك لا يكون له محل.
لما كان ذلك، وكان البين من الصورة الرسمية المضمومة لإذن النيابة العامة الصادر بشان الطاعن أنه يتضمن ضبط وتفتيش مسكن وملحقات مسكن المتحرى عنه – خلافاً لما يدعيه – وكان من المقرر أنه مادام إذن النيابة العامة بتفتيش مسكن الطاعن قد تضمن الأمر بضبطه وصدر من سلطة تملك إصداره وحصل صحيحاً موافقاً للقانون، فإن تفتيش شخصه على هذه الصورة يكون صحيحاً، لأن الإذن بالضبط هو فى حقيقته أمر بالقبض ولا يفترق عنه إلا فى مدة الحجز فحسب وفى سائر الأحوال التى يجوز فيها القبض قانوناً على المتهم يجوز لمأمور الضبط القضائى أن يفتشه مهما كان سبب القبض أو الغرض منه كما هو مقتضى المادة ٤٦ من قانون الإجراءات الجنائية، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن فى هذا الوجه لا يكون له محل.
ولا يعيب الحكم من بعد إغفاله الرد على دفاع الطاعن فى هذا الخصوص، لما هو مقرر من أنه لا يعيب الحكم التفاته عن الرد على دفاع ظاهر البطلان.
لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه ليس ما يمنع محكمة الموضوع بما لها من سلطة تقديرية من أن ترى فى تحريات وأقوال الضابط ما يكفى لإسناد واقعة حيازة وإحراز الجوهر المخدر لدى الطاعن ولا ترى فيها ما يقنعها بأن هذا الإحراز كان بقصد الاتجار دون أن يعد ذلك تناقضاً فى حكمها، ومن ثم فقد انحسر عن الحكم قالة التناقض فى التسبيب ولا يعدو ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن أن يكون جدلاً حول سلطة محكمة الموضوع فى تقدير أدلة الدعوى وتجزئتها والأخذ منها لما تطمئن إليه واطراح ما عداه مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
لما كان ذلك، وكان كانت الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة والتى كانت مطروحة على بساط البحث بالجلسة ودارت حولها المرافعة وهى واقعة إحراز المخدر، وهى بذاتها الواقعة التى اتخذها الحكم المطعون فيه أساساً للوصف الجديد الذى دان الطاعن به، وكان مرد التعديل هو عدم قيام الدليل على توافر قصد الاتجار لدى الطاعن واستبعاد هذا القصد باعتباره ظرفاً مشدداً للعقوبة دون أن يتضمن التعديل إسناد واقعة مادية أو إضافة عنصر جديد، كما ذهب الطاعن فى أسباب طعنه فإن ما يثيره فى هذا الشأن يكون فى غير محله.
لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير الدليل موكول لمحكمة الموضوع ، وأنه متى اقتنعت به واطمأنت إليه فلا معقب عليها فى ذلك، ولما كانت الأدلة التى أوردها الحكم من شأنها أن تؤدى إلى ما رتب عليها من ثبوت مقارفة الطاعن للجريمة التى دين بها، فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً فى واقعة الدعوى وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون مفصحاً عن عدم قبوله موضوعاً.
فلهــــــــــذه الأسبــــــــــاب
حكمت المحكمة :- بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع برفضه.