سلطتة محكمة الموضوع في تقدير توافر أركان جريمة العاهة المستديمة

في سياق التقرير التالي تلقي “الناس والقانون” الضو علي مفهوم العاهة ؟ المادة ٢٤٠ من قانون العقوبات . لقاضي الموضوع تقدير نسبة النقص الذي يكفي لتكوين العاهة المستديمة بما يثبته من حالة المجني عليه والتقرير الطبي . لا مصلحة للطاعن في النعي على الحكم بشأن جريمة إحداث عاهة . ما دامت المحكمة قد دانته بجريمة الضرب الذي لم يتخلف عنه عاهة مستديمة .مثال لتسبيب سائغ في جريمة ضرب أحدث عاهة .… بحسب الخبير القانوني “أشرف فؤاد” المحامي بالنقض.

لقاضي الموضوع تقدير نسبة النقص الذي يكفي لتكوين العاهة المستديمة

حكم

بإسم الشعب

محكمة النقض المصرية

الدوائر الجنائية

الطعن رقم ٣٤٨٨ لسنة ٧٨ قضائية

جلسة ٢٠١٦/٠١/١٠

العنوان 

إثبات ” خبرة ” . ضرب ” ضرب أحدث عاهة ” ” ضب بسيط ” . قانون ” تفسيره ” . نقض ” المصلحة في الطعن ” . محكمة الموضوع ” سلطتها في تقدير توافر أركان الجريمة ” . حكم ” تسبيبه . تسبيب غير معيب ” . عقوبة ” العقوبة المبررة ” .

الموجز

مفهوم العاهة ؟ المادة ٢٤٠ من قانون العقوبات . لقاضي الموضوع تقدير نسبة النقص الذي يكفي لتكوين العاهة المستديمة بما يثبته من حالة المجني عليه والتقرير الطبي . لا مصلحة للطاعن في النعي على الحكم بشأن جريمة إحداث عاهة . ما دامت المحكمة قد دانته بجريمة الضرب الذي لم يتخلف عنه عاهة مستديمة .مثال لتسبيب سائغ في جريمة ضرب أحدث عاهة .

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضي المقرر وبعد سماع المرافعة والمـــداولة قانوناً .
من حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر فى القانون .

اسباب النقض: القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال والإخلال بحق الدفاع

وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي الضرب المفضي إلى عاهة مستديمة وإحراز سلاح أبيض بغير مسوغ من ضرورة مهنية أو شخصية قد شابه القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ، ذلك أنه اعتوره عدم الإلمام بواقعة الدعوى وأدلتها وجاءت أسبابه بصفة عامة معماة مكتفياً بترديد وصف التهمة ، وأن نسبة العاهة ٣% لا توفر جريمة العاهة المستديمة ، وأعرض الحكم عن دفوعه بعدم جدية التحريات وعدم معقولية تصوير الواقعة وعدم وجود شاهد لها وشيوع التهمة وتلفيقها ، وتناقض الأدلة ولم يعرض لطلباته ودفوعه ، وأنه جار للمجنى عليه وتصالح معه بعد صدور الحكم المطعون فيه مما يوجب إعمال الرأفة وإيقاف تنفيذ العقوبة المقضي بها عليه ، كل ذلك يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .

وحيث إن الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما فى حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة .

حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة

لما كان ذلك ، وكان القانون وإن أوجب فى كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دانه بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها منه إلا أنه لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع مـا أورده الحكم كافياً فى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة – كما هو الحال فى الدعوى – فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ولا يغير من ذلك أن تتضمن واقعة الدعوى صيغة الاتهام إذ إنها جزء منه ولا يعيبه الإحالة إليها ، بما يكون النعي على الحكم فى هذا الشأن غير سديد .

مفهوم العاهة فى المادة ٢٤٠ عقوبات 

لما كان ذلك ، وكانت العاهة فى مفهوم المادة ٢٤٠ عقوبات هي فقد أحد أعضاء الجسم أو أحد أجزائه أو فقد منفعته أو تقليلها أو تقليل قوة مقاومته الطبيعية بصفة مستديمة ، ولم يحدد القانون نسبة معينة للنقص الذى يكفى لتكوينها بل ترك الأمر فى ذلك لتقدير قاضى الموضوع يبت فيه بما يثبته من حالة المجنى عليه وما يستخلصه من تقرير الطبيب ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد استند إلى الرأي الفني الذى قال به الطبيب الشرعي وخلص منه إلى أنه نشأت بالمجنى عليه عاهة مستديمة ، فإن هذا حسبه ويكون النعي عليه فى هذا الشأن غير مقبول .

هذا إلى أنه لا مصلحة للطاعن للنعي على الحكم بعدم توافر العاهة مادامت العقوبة الموقعة عليه تدخل فى حدود عقوبة الضرب الذى لم يتخلف عنه عاهة مستديمة .

مدي جدية التحريات وكفايتها

لما كان ذلك ، وكان تقدير جدية التحريات وكفايتها هو من المسائل الموضوعية التي تخضع لإشراف محكمة الموضوع وللمحكمة أن تعول فى تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة أساسية ، وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى تحريات الشرطة بجانب ما ساقته من أدلة أخرى فإن منازعة الطاعن تنحل إلى جدل موضوعي فى سلطة المحكمة فى تقدير أدلة الدعوى وهو ما لا يجوز مصادرتها فيه أمام محكمة
النقض .

لما كان ذلك ، وكان لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة فى العقل والمنطق ولها أصلها فى الأوراق ، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال المجنى عليه وصحة تصويره للواقعة فإن منازعة الطاعن تنحل إلى جدل موضوعي فى سلطة محكمة الموضوع فى تقدير أدلة الدعوى واستخلاص معتقدها منها وهو ما لا تجوز مصادرتها فى شأنه أمام محكمة النقض .

لما كان ذلك ، وكان الدفع بشيوع التهمة وتلفيقها من الدفوع الموضوعية التي لا تستوجب فى الأصل رداً صريحاً من الحكم مادام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم – كما هو الحال فى الدعوى – فإن النعي على الحكم فى هذا الشأن غير مقبول .

لما كان ذلك ، وكان ينبغي لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً مبيناً ما يرمى إليه الطاعن ، وإذ كان الطاعن لم يبين بوجه طعنه ماهية دفوعه وطلباته التي أبداها والتفتت عنها الحكم كما لم يفصح عن ما يدعيه من تناقض لم يعن الحكم برفعه فإن ما يثيره فى هذا الصدد مرسلاً مجهلاً حرياً برفضه .

لما كان ذلك ، وكانت الجريمة التي دين الطاعن بها لا أثر للصلح بفرض صحته عليها أو على مسئولية مرتكبها أو على الدعوى الجنائية المرفوعة عنها ، وكان تقدير موجبات الرأفة أو عدم قيامها موكولاً لقاضى الموضوع دون معقب فإن منازعة الطاعن فى كل ما سبق لا تكون مقبولة ، بما يكون الطعن برمته على غير سند جديراً بالرفض .

الحكم

فلهــذه الأسبـــاب

حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه .