حجية الحكم الجنائي أمام المحاكم المدنية شرطه أن يكون قد فصل فصلاً لازماً في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين وفى الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله

في سياق التقرير التالي تلقي “الناس والقانون” الضو علي حجية الحكم الجنائي أمام المحاكم المدنية شرطه أن يكون قد فصل فصلاً لازماً في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين وفى الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله ... بحسب الخبير القانوني “أشرف فؤاد” المحامي بالنقض. 

بإسم الشعب

محكمة النقض المصرية

الطعن رقم ١٤٤٨ لسنة ٧٨ قضائية

الدوائر المدنية 

جلسة ٢٠١٦/٠٤/١١

العنوان : 

إثبات ” التمسك بوسائل الإثبات ” . حكم ” حجية الأحكام : نطاق الحجية ومداها : حجية الحكم المدنى : حجية الحكم الجنائي : أثر الحجية ” . دعوى ” أنواع من الدعاوى : دعوى صحة التوقيع ” . قوة الأمر المقضي ” شرطها ونطاقها ” ” حجية الحكم الجنائى”. عقد ” إبطال العقد : الغش والتواطؤ ، اتصال الغش بالمتعاقد الآخر” . محكمة الموضوع ” سلطة محكمة الموضوع : بالنسبة لمسائل الإثبات ، تكييف العقد ، استخلاص الأدلة ” .

الموجز : 

حجية الحكم الجنائي أمام المحاكم المدنية . شرطها . أن يكون قد فصل فصلاً لازماً في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين وفى الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله . المادتان ١٠٢ إثبات ، ٤٥٦ إجراءات جنائية .

القاعدة : 

المقرر في قضاء محكمة النقض أن مؤدى حكم المادة ٤٥٦ من قانون الإجراءات الجنائية والمادة ٤٠٦ من القانون المدنى المطابقة لنص المادة ١٠٢ من قانون الإثبات أن الحكم الصادر في المواد الجنائية لا تكون له حجية في الدعوى المدنية أمام المحاكم المدنية إلا إذا كان قد فصل فصلاً لازماً في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية وفى الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله .

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر / أحمد فراج ” نائب رئيس المحكمة ” ، والمرافعة ، وبعد المداولة.

حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .

الوقائع

وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل فى أن المطعون ضدها الأولى أقامت الدعوى رقم ٣٠٧٦ لسنة ٢٠٠٤ مدنى محكمة شبين الكوم الابتدائية على الطاعنين والمطعون ضدهما الثانى والثالث بطلب تسليم العقار المبين بالأوراق على سند من أنه بموجب عقد البيع المؤرخ ٢٣ / ١٠ / ٢٠٠٣ باعها مورث الطاعنين هذا العقار الذى قضى فى الدعوى رقم ١٧٨٤٧ لسنة ٢٠٠٣ مدنى محكمة شبين الكوم الابتدائية بصحة توقيع مورثهم على هذا العقد وإذ رفضوا تسليمها العقار المبيع ، ومن ثم أقامت الدعوى . حكمت المحكمة برفض الدعوى بحكم استأنفته المطعون ضدها الأولى بالاستئناف رقم ٩٥٦ لسنة ٣٨ ق طنطا ، وبتاريخ ٢٧ / ١١ / ٢٠٠٧ قضت بإلغاء الحكم المستأنف وبالطلبات . طعن الطاعنون فى هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقضه . وإذ عُرِض الطعن على هذه المحكمة – فى غرفة مشورة – فحددت جلسة لنظره ، وفيها التزمت النيابة رأيها .

اسباب الطعن بالنقض : مخالفة القانون – الخطأ فى تطبيقه – القصور فى التسبيب

وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه والقصور فى التسبيب ، وفى بيان ذلك يقولون إنهم دفعوا أمام المحكمة المطعون فى قضائها ببطلان عقد البيع سند الدعوى لابتنائه على الغش والتدليس وأوضحوا تفصيلاً ظروف تحرير العقد والقرائن التى استدلوا بها على قيام الغش والتدليس ، ومن بينها أن مورثهم كان حال تحرير العقد طاعناً فى السن وأوهمته المطعون ضدها ووليها بأنها خالية من الزواج على خلاف الحقيقة ودخلوا معه فى مشروع زواجه منها وتحصلوا بهذه الحيلة على توقيعه على العقد ، فضلاً عن تضمن العقد الذى تم بدون ثمن احتفاظه بالانتفاع به طيلة حياته ، غير أن الحكم المطعون فيه لم يتعرض لهذا الدفاع ولم يتناول هذه القرائن الدالة على قيام الغش والتدليس بالبحث و التمحيص وقضى بتسليم العين محل النزاع للمطعون ضدها على سند من سبق القضاء بالبراءة أمام المحكمة الجنائية وصدور حكم بصحة توقيع مورثهم على العقد وهو ما لا يصلح رداً على دفاعهم بما يعيبه ويوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعى فى محله ، ذلك أن من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن قاعدة الغش يبطل التصرفات هى قاعدة سليمة ولو لم يجر بها نص خاص فى القانون وتقوم على اعتبارات خلقية فى محاربة الغش والخديعة والاحتيال وعدم الانحراف عن جادة حسن النية الواجب توافره فى التصرفات والإجراءات عموماً صيانة لمصلحة الأفراد والمجتمع . وأنه ولئن كان استخلاص عناصر التدليس والغش التى تجيز إبطال العقد من وقائع الدعوى وتقدير ثبوته أو عدم ثبوته هو وعلى – ما جرى به قضاء هذه المحكمة – من المسائل التى تستقل بها محكمة الموضوع دون رقابة عليها فى ذلك من محكمة النقض إلا أنه يتعين أن يكون قضاءها مقاماً على أسباب سائغة.

وكان التدليس هو استعمال طرق احتيالية من شأنها أن تدفع المتعاقد إلى إبرام التصرف الذى انصرفت إرادته إلى إحداث أثره القانونى فيعيب هذه الإرادة ، ومؤدى حكم المادة ٤٥٦ من قانون الإجراءات الجنائية والمادة ٤٠٦ من القانون المدنى المطابقة لنص المادة ١٠٢ من قانون الإثبات أن الحكم الصادر فى المواد الجنائية لا تكون له حجية فى الدعوى المدنية أمام المحاكم المدنية إلا إذا كان قد فصل فصلاً لازماً فى وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية وفى الوصف القانونى لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله ، وأن الحكم الجنائي الصادر بالبراءة إذا كان مبنياً على أن الفعل لا يعاقب عليه القانون سواء كان ذلك لانتفاء القصد الجنائي أو لسبب آخر فإنه لا تكون له حجية الشئ المحكوم فيه أمام المحاكم المدنية وبالتالى فإنه لا يمنع تلك المحكمة من البحث فيما إذا كان هذا الفعل مع تجرده من الجريمة لم يتطرق الحكم الجنائي لبحث واقعة التعاقد فى ذاتها ، وكان الفصل فى هذه الواقعة ليس ضرورياً أو لازماً للفصل فى الجريمة المسندة إليهما.
كما أن المقرر أن دعوى صحة التوقيع وعلى – ما جرى به قضاء هذه المحكمة – إنما شرعت ليطمئن من بيده سند عرفى على آخر إلى أن التوقيع الثابت بهذا السند توقيع صحيح ولن يستطيع صاحبه بعد صدور الحكم بصحة التوقيع أن ينازع فى هذه الصحة لأن التوقيع بالإمضاء أو بصمة الختم أو بصمة الإصبع هو المصدر القانونى لإضفاء الحجية على الأوراق العرفية بما مؤداه أن ثبوت صحة التوقيع على الورقة العرفية لا يعنى صحة التصرف المثبت بها إذ أن الحكم الصادر بصحة التوقيع تقتصر حجيته على صحة التوقيع ولا يتعدى أثره إلى صحة التزامات الطرفين الناشئة عن العقد.
لما كان ذلك ، وكان الطاعنون قد دفعوا أمام المحكمة المطعون فى قضائها ببطلان العقد محل النزاع لابتنائه على الغش والتدليس وتمسكوا بدفاعهم الوارد بوجه النعى القائم فى جوهره على انتفاء قصد البيع عند مورثهم وإنما الأمر كان ضمن مشروع زواجه من المطعون ضدها واستحال أن يتم واوضحوا تفصيلاً ظروف تحريره والقرائن التى استدلوا بها على الغش والتدليس ، وكان الحكم المطعون فيه لم يتعرض لهذا الدفاع ولم يتناول بالبحث تلك القرائن واكتفى بالقول بأن الحكم الصادر بالبراءة قد تكفل بالرد على هذا الدفاع فى الجنحة رقم ٤٦١٣ لسنة ٢٠٠٦ تلا وأنه سبق القضاء بصحة التوقيع فى الدعوى رقم ١٧٨٤٦ لسنة ٢٠٠٣ م . ك صحة توقيع شبين الكوم وهو ما لا يصلح رداً على هذا الدفاع الجوهرى الذى من شأنه لو صح أن يتغير به وجه الرأى فى الدعوى ودون أن يبين ما تأسس عليه الحكم الجنائي وفصل فيه فصلاً لازماً للقضاء بالبراءة ، وكان من شأن ذلك أن يجهل بالأسباب التى أقام الحكم عليها قضاءه ويعجز محكمة النقض عن مراقبة القانون ، فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه والإحالة .

الحكم

لذلك

نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه ، وأحالت القضية إلى محكمة استئناف طنطا ، وألزمت المطعون ضدهم المصروفات ، ومائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة .

أمين السر                       نائب رئيس المحكمة