الإنفساخ هو فسخ العقد بقوة القانون .. إعرف ذلك 

الإنفساخ – في التقرير التالي تلقي « الناس والقانون » الضوء علي  « فسخ العقد بقوة القانون» وما هي القوة القاهرة وتحقق فسخ العفد وإنفساخه ، والفرق بين الفسخ والإنفساخ  ، وما هو الأثار المترتبة علي الانغساخ .. بقلم « أشرف فؤاد » المحامي بالنقض.

الفسخ بقوة القانون للعقود الملزمة للجانبين المشهور بالإنفساخ
الفسخ بقوة القانون للعقود الملزمة للجانبين المشهور بالإنفساخ

الإنفساخ وقوة القانون في فسخ العقد الملزم للجانبين

فقد نص المادة 159 من القانون المدني المصري: 

في العقود الملزمة للجانبين إذا إنقضى إلتزام بسبب إستحالة تنفيذه أنقضت معه الإلتزامات المقابلة له وينفسخ العقد من تلقاء نفسه. 

كما قد أوردت المذكرة التمهیدیة لهذه المادة ما يلي: 

 الفسخ القانوني وهو يقع عند انقضاء الالتزام على أثر استحالة تنفيذه . فانقضاء هذا الالتزام يستبع انقضاء الالتزام المقابل له لتخلف سبيه ولهذه العلة ينفسخ العقد من تلقاء نفسه أو بحكم القانون بغير حاجة إلى التقاضي بل وبغير إعذار ، متى وضحت استحالة التنفيذ وضوحاً كافياً .

على أن الترافع إلى القضاء قد يكون ضرورياً، عند منازعة الدائن أو المدين في وقوع الفسخ. بيد أن موقف القاضي في هذه الحالة يقتصر على الاستيثاق من أن التنفيذ قد أصبح مستحيلاً، فإذا تحقق من ذلك يثبت وقوع الفسخ بحكم القانون ، ثم يقضي بالتعويض أو رفض القضاء به ، تبعاً لما إذا كانت هذه الاستحالة راجعة إلى خطأ المدين أو تقصيره أو إلى سبب أجنبي لا يد له فيه. 

االإنفساخ للعقد بقوة القانون 

انفساخ العقد بقوة القانون يتحقق إذا أصبح تنفيذ التزام المتعاقد مستحيلا، لسبب أجنبي ليس للمدين يد فيه، إذ في هذه الحالة تزول الالتزامات المتقابلة على المتعاقد الآخر بدورها وبقوة القانون.

يقال إن العقد قد انفسخ. والعلة  هي أنه قد انقضى التزام المدين لاستحالة تنفيذه بسبب أجنبي، فلم يعد ثمة محل للمسئولية العقدية ليختار الدائن بينها وبين فسخ العقد كما كان يفعل لو أن الاستحالة لا ترجع إلى سبب أجنبي، فلم يبق إلا فسخ العقد، ولا محل هنا للخيار بين التنفيذ والفسخ، لأن هذا لا يتصور إلا إذا كان التنفيذ لا يزال ممكنا. ولذلك فإن الفسخ يقع بقوة القانون. 

فالإنفساخ كالفسخ سبب لإنحلال العقد، ولكنه يتميز عن الفسخ الذي هو جزاء الإخلال المدين بالتزامه، في إنه يجئ نتيجة كون التزام أحد المتعاقدين قد أصبح مستحيلا لسبب أجنبي. 

مثال توضيحي

أن يتعاقد شخص مع أحد المنتجين السينمائيين على أن يمثل فی رواية، ثم يموت أو يمرض مرضا يحول بينه وبين أن يؤدي دوره في ميعاده. ومثال ذلك أيضا أن يؤجر شخص لآخر داره، ويلتزم بالتالي بتمكينه من الانتفاع بها. ثم تنهدم هذه الدار بزلزال، أو تنزع ملكيتها للمنفعة العامة، فيستحيل على المؤجر الوفاء بالتزامه . 

ويرتبط بهذا النص ما تقضي به المادة 215 من القانون المدني المصري من أنه: به استحال على المدين أن ينفذ الالتزام عینا حكم عليه بالتعويض بعدم الوفاء بالتزامه به لم يثبت أن استحالة التنفيذ قد نشأت عن سبب أجنبي لا يد له فيه”. 

وما تنص عليه المادة ۳۷۳ مدني من أنه: “ينقضى الالتزام إذا أثبت المدين أن الوفاء به أصبح مستحيلا عليه بسبب أجنبي لا يد له فيه”. 

ما هي شروط لإنفساخ

يشترط لتحقق الإنفساخ توافر الشروط الآتية: 

الشرط الأول في الإنفساخ : أن يصير التزام العاقد مستحيلاً 

بمعني : أن يصبح تنفيذ التزام أحد العاقدين غير ممكن. 

الاستحالة هنا المقصود بها هو الاستحالة الموضوعية المطلقة التي تتعلق بالالتزام في ذاته ومن حيث هو، وليست الاستحالة الذاتية المتعلقة بالمدين نفسه، شأن الاستحالة هنا، شأن الاستحالة المبتدأة التي تكون عند إبرام العقد، والتي تؤدي، كما رأينا في موضعه، إلى بطلانه وعدم قيامه أصلا. 

ولا تتوافر الاستحالة المطلقة من مجرد وجود مانع مؤقت من الوفاء العيني. إنما يترتب على هذا المانع المؤقت عدم تنفيذه في فترة الاستحالة أي مجرد وقف العقد، على أن يعود. تنفيذه عند زوال المانع . 

والاستحالة المطلقة قد تتوافر رغم وقتية المانع من الوفاء العيني وذلك في الحالات التي يكون فيها الميعاد المحدد للوفاء محل اعتبار، ومن ثم فإن تجنيد العامل في الميعاد المحدد لقيامه بالعمل، يعد قوة قاهرة تجعل تنفيذ الالتزام مستحيلا فينفسخ العقد بمجرد تجنيد هذا العامل.

إلا أنه لا يمنع في مثل هذه الحالة أن ينفق الطرفان على الإبقاء على العقد دون انفساخ وتأجيل تنفيذه إلى ما بعد انتهاء فترة التجنيد. 

الشرط الثاني : استحالة تنفيذ الالتزام كاملة

إذا كانت استحالة تنفيذ الالتزام جزئية، فإن الانفساخ لا يقع، ولكن يثبت للدائن الخيار بين أن يتمسك بالعقد في حدود ما بقي ممكن التنفيذ من حقه نظير ما يتناسب معه من الالتزام المقابل، وبين أن يطلب فسخ العقد برمته. 

وإن طلب الدائن الفسخ، جاز للمحكمة أن تعمل سلطتها التقديرية المنصوص عليها في المادة2/157، فلا تجيب الدائن إلى الفسخ، إذا كان ما أصبح تنفيذه مستحيلا قليل الأهمية بالنسبة إلى التزامات المدين في جملتها.

ولكن لا يجوز للمحكمة في استحالة تنفيذ الالتزام كلياً أن يتنظر المدين إلى أجل، إلا بالنسبة إلى ما بقي ممكن التنفيذ من التزامه . 

الشرط الثالث : أن تكون استحالة تنفيذ الالتزام ناشئة في تاريخ لاحق لقيام العقد

استحالة تنفيذ الالتزام قبل انعقاد العقد، فإن هذا العقد لا يكون قد انعقد أصلا، ويضحي باطلا لاستحالة محله، كما رأينا سلفا. 

الشرط الرابع في: أن تكون استحالة تنفيذ الالتزام راجعة لسبب أجنبي عن المدين : 

 استحالة تنفيذ الالتزام راجعة إلى سبب أجنبي عن المدين لا يد له فيه. أما إذا كانت الاستحالة ناشئة بسبب يعزى إلى المدين، فإن العقد لا ينفسخ، ويبقى التزامه قائما، وإن استحال إلى تعويض لتعذر الوصول إلى تنفيذه عينا. 

تعريف السبب الاجنبي لتحقق الإنفساخ

 استحالة تنفيذ الالتزام راجعة إلى سبب أجنبي عن المدين لا بد له فيه، إذا كانت ناشئة عن قوة قاهرة أو عن خطأ الدائن سواء كان الخطأ عملا إيجابيا أو سلبيا، كما يلحق بخطأ الدائن الخطأ الذي يقع ممن هو مسئول عن أفعاله كالتابع والخاضع لرعايته، إذ لا يعتبر هذا أو ذاك من طائفة الغير بالنسبة للدائن في هذا الخصوص. 

السبب الأجنبي يتوافر أيضا متى كانت الاستحالة ناشئة عن فعل الغير، أي غير المدین. فإذا كانت الاستحالة راجعة إلى خطأ الغير، انقضى التزام المدين وانفسخ العقد، وقامت مسئولية تقصيرية قبل هذا الغير لتعويض المضرور من هذا الانفساخ .

أما إذا كان فعل الخير لا ينطوي على خطأ من جانبه، فإنه لا يؤدي إلى انفساخ العقد إلا إذا توافرت في هذا الفعل شرائط الحادث الفجائي. ذلك أنه إذا كان فعل الغير مشروعا وكان متوقعا أو كان ممكنا توقيه أو درء نتيجته، ظل التزام المدين قائما واجب الوفاء عن طريق التنفيذ بمقابل بعد أن استحال التنفيذ العيني. 

كما قد يتحقق السبب الأجنبي بواقعة لا ترجع إلى فعل أي شخص، ولا تتوافر لها شرط عدم التوقع، كما لو مرض المدين فاستحال عليه الوفاء بالتزام القيام بعمل كالغناء أو التمثيل أو إلقاء محاضرة، فينقضى التزامه وينفسخ العقد الاستحالة التنفيذ رغم أن المرض أمر متوقع وكثير الحدوث. 

هل يقع الإنفساخ من تلقاء نفسه ؟

إن كانت الاستحالة راجعة إلى سبب أجنبي فإن الالتزام ينقضي طبقا للمادة ۳۷۳ من القانون المدنی وينفسخ العقد من تلقاء نفسه عملا بالمادة 159 القانون المدنی ولا حاجة هنا إلى الإعذار، فالإعذار لا يتصور إلا إذا كان التنفيذ ممكنا، كما لا توجد هناك حاجة لصدور حکم قضائي بالفسخ، فالعقد ينفسخ بقوة القانون. 

وهذا لا يمنع من إمكان تدخل القضاء إذا ما ثار نزاع بين المتعاقدين حول ما إذا كان ثمة سبب أجنبي مؤد إلى انقضاء الالتزام وتبعا لانفساخ العقد، إذ في مثل هذه الحالة للقضاء أن يتدخل ليقرر ما إذا كان العقد قد انفسخ. أم مازال قائما. وإذا صدر حكم بالفسخ هنا فإن هذا الحكم يكون مقررا لا منشئا للفسخ. 

تحمل التبعة عند انفساخ العقد : 

العقد الملزم للجانبين، متي انقضى الالتزام لاستحالة تنفيذه بسبب أجنبي، فإن تبعة هذه الاستحالة تقع على عاتق المدين بهذا الالتزام.

وذلك لأنه لا يستطيع أن يطالب الدائن بالالتزام الذي يقابله وإذا كان قد أداه فله أن يطلب استرداده، فتقع الخسارة عليه في النهاية.

فلو أن المبيع هلك بسبب أجنبي في يد البائع قبل تسليمه إلى المشترى فإن البائع، وهو المدين بالتسليم، هو الذي يتحمل تبعة هذا الهلاك. وأساس هذا الحل فكرة الارتباط بين الالتزامات المتقابلة للمتعاقدين . 

هل يقع الانفساخ في العقد الملزم لجانب واحد؟ 

المشرع المصري لم يعرض إلا لانفساخ العقد الملزم للجانبين في المادة 159 من القانون المدنی، فهو لم يعرض أصلا لانفساخ العقد الملزم لجانب واحد. 

الا انه مع ذلك فإن الانفساخ يرد على العقد الملزم لجانب واحد، كما يرد على العقد الملزم للجانبين، وذلك بخلاف الفسخ الذي لا يتصور وروده إلا في خصوص العقد الملزم للجانبين. 

الا انه في العقد الملزم لجانب واحد، إذا استحال تنفيذ الالتزام بسبب أجنبي، فإن الذي يتحمل تبعة هذه الاستحالة هو الدائن. وذلك لأنه لا يستطيع أن يطالب المدين بشيء، وليس في ذمته التزام يتحلل منه في مقابل تحلل المدين من التزامه، فيتحمل الخسارة في النهاية.

فإذا كانت هناك وديعة بغير أجر ثم هلكت عند المودع لديه بسبب أجنبي فاستحال عليه ردها، تحمل المودع وهو الدائن تبعة هذا الهلاك. 

بوجه عام : إن كان المدين هو الذي يتحمل التبعة في العقود الملزمة للجانبين والدائن هو الذي يتحملها في العقود الملزمة لجانب واحد. 

الآثار المترتبة علي الإنفساخ للعقد 

عند انفسخ العقد بحكم القانون، يترتب على انفساخه ما يترتب على فسخه بحكم القاضي أو بحكم الاتفاق، فيعاد المتعاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد وفقاً لنص المادة 160من القانون المدني. 

يعني ان الانفساخ يكون بأثر رجعي مع مراعاة ما انتفاء ذلك الأثر الرجعي في عقود المدة. ومع عدم الإخلال بالحماية القانونية من الانفساخ المقرر للغير حسن النية. 

كما أن الدائن هنا لا يستحق تعويضا عما يناله من ضرر بسبب تفويت الصفقة، لأن استحالة التنفيذ لا ترجع إلى خطأ المدين. وبهذا يتميز الانفساخ عن الفسخ، الذي لا يحول دون حق الدائن في التعويض عن الضرر الذي يرتبه له، جزاء لتقصير المدين في الوفاء بالتزامه . 

هلاك الشىء محل الالتزام وتخلف شيء آخر

قد يهلك محل الالتزام ويخلف شيئا آخر وراءه ومثل ذلك تهدم المنزل المبيع أو احترافه قبل تسليمه إلى المشتري أو قبل انتقال ملكيته إليه لعدم تسجيل العقد، ويتخلف أو حق في التعويض أو في مبلغ التأمين.

غير أن هذه المسألة لم يتناولها وراءه أنقاض الفقه أو القضاء وإنما سار القضاء على الحكم بوقوع الانفساخ في الحالة التي نحن بصددها، تأسيسا على استحالة تنفيذ الالتزام لسبب أجنبي عن المدين، دون أن يتطرق أصلا إلى البحث عما إذا كان هلاك الشيء الذي أدى إلى استحالة التنفيذ قد خلف وراءه شيئا أم لم يخلف. 

و هناك من يعلل مسلك القضاء بأن الحق الذي خلفه هلاك محل الالتزام، في الدعاوى التي عرضت عليه، لم يصل من الأهمية إلى حد يسعى الدائن إلى أن يستأثر به بديلا عن الشيء التي ورد التزامه في الأصل عليه فيعترض على حصول الانفساخ . 

قد ثارت المسألة في دولة الكويت الشقيقة عند قيام حالة نزع ملكية العقار المبيع قبل تسجي البيع بسبب أن الدولة هناك تدفع مقابلا سخيا للاستملاك بحيث جرت عادة الكويت إلى أن يسعوا هم لدى السلطات في أن تملك أراضيهم.

وقد ثارت تلك المسألة في خصوص تحديد من يثبت له مقابل استملاك العقار المبيع بعد غير مسجل. أهو المشتري أم البائع. وقد قضت محكمة التمييز الكويتية بانفساخ البيع في الحالة التي نحن بصددها و بأحقية البائع في مقابل الاستملاك تأسيسا عليه.

وذلك برغم أن المشتري كان قد تمسك بعدم الانفساخ، قانعا بمقابل الاستملاك ومكتفيا به بدل العقار المشترى. 

الإنفساخ المشروع التمهيدي للتقنين المدني ينص في المادة ۲۸۳ على أنه:

“فی الالتزام بنقل حق عيني، إذا هلك الشيء أو ضاع أو خرج عن التعامل، لسبب أجنبي لا يد للمدين فيه، التزم المدين أن يتنازل للدائن عما قد يكون له من حق أو دعوى في التعويض عن هذا الشيء”، إلا أن لجنة المراجعة حذفت هذه المادة “لأن الحكم الذي نصت عليه حكم تفصیلی”. 

ويتجه رأى أخر في الفقه إلى أنه

إذا ارتضى الدائن أن يأخذ ما خلفه هلاك محل الالتزام استيفاء لحقه، فلا يمكن القول بأن الالتزام بات مستحيلا، وأن العقد بالتالي قد انفسخ. كما أنه يمكن دعم ذلك بفكرة الحلول العيني، فيما يخلفه الشيء إثر هلاكه يحل محله.

بحيث أنه إذا اقتنع الدائن به استيفاء لحقه فإن التزام المدين يعتبر ممكنا في أدائه لا مستحيلا فلا ينفسخ العقد. 

هل يمنع الإنفساخ للعقد من المطالبة بالتعويض ؟

جاء ت مذكرة المشروع التمهيدي أنه:

“…. فإذا تحقق من ذلك (القاضي) يثبت وقوع الفسخ بحكم القانون، ثم يقضي بالتعويض أو برفض القضاء به، تبعا لما إذا كانت هذه الاستحالة راجعة إلى خطأ المدين أو تقصيره أو إلى سبب أجنبي لا يد له فيه” – وعبارة “راجعة إلى خطأ المدين أو تقصيره”،

الواردة بالمذكرة غير صحيحة، لأنها تفترض أن الاستحالة التي ينفسخ بها العقد قد تكون راجعة إلى خطأ المدین، والصحيح أن الاستحالة لا ينفسخ بها العقد من تلقاء نفسه إلا إذا كانت راجعة إلى سبب أجنبي. 

ولكن ان كانت الاستحالة إذا رجعت إلى تقصير المدين كان للدائن مطالبته بالتعويض إما على أساس المسئولية العقدية وفي هذه الحالة يبقى العقد قائما وإما أن يطالبه بفسخ العقد مع التعويض. 

وبتفسير ما جاء بمذكرة المشروع التمهيدي بأنه إذا تأخر المدين في تنفيذ التزامه بدون مبرر، حتى وقع السبب الأجنبي الذي أدى إلى استحالة تنفيذ التزامه، فإن المدين يكون قد ارتكب خطأ يستوجب مطالبته بالتعويض.

(موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الثاني الصفحة/696) 

ما الأمر إذا كانت استحالة التنفيذ لا ترجع إلى سبب أجنبي ؟

إذا استحال على المدين في العقد الملزم للجانبين تنفيذ التزامه، ولم يستطيع أن يثبت أن استحالة التنفيذ قد نشأت عن سبب أجنبي لا يد له فيه ، فإن المادة 215 تقضي كما أسلفنا بأن المدين يحكم عليه بالتعويض لعدم الوفاء بالتزامه . وهذه هي المسئولية العقدية التي فصلنا قواعدها فيما تقدم .

فالمدين الذي لم ينفذ التزامه يكون قد ارتكب خطأ عقدياً ، وهو لم يثبت السبب الأجنبي فتبقى علاقة السببية مفروضة ، وبذلك تتحقق مسئوليته العقدية على أساس قيام العقد . ويتبين من ذلك أن العقد لم ينفسخ في هذه الحالة ، بل على النقيض من ذلك قد بقى وتأكد وجوده ، إذا أصبح هو الأساس للمطالبة بالتعويض . 

ولكن ذلك لا يمنع من تطبيق قواعد الفسخ القضائي . فللمدائن ، وقد أصبح تنفيذ التزام المدين مستحيلا ، أن يطلب فسخ العقد لعدم وفاء المدين بالتزامه ، بدلا من أن يطلب التعويض على أساس المسئولية التقصيرية . وفي هذه الحالة لا يسع القاضي إلا أن يجيبه إلى طلبه ، إذ لا محل لإمهال المدين لتنفيذ التزامه بعد أن أصبح هذا التنفيذ مستحيلا ، فيحكم بفسخ العقد . والحكم هنا منشئ للفسخ لا مقرر له ، والعقد لم ينفسخ بحكم القانون بل فسخ بحكم القاضي . 

استحالة التنفيذ ترجع إلى سبب أجنبي :

 استحالة التنفيذ تان كانت ترجع إلى سبب أجنبي ، فإن الالتزام ينقضي طبقاً للمادة 373 التي تقدم ذكرها ، وينفسخ العقد من تلقاء نفسه طبقاً للمادة 159.

والعلة في هذا هو انقضاء التزام المدين لاستحالة تنفيذه بسبب أجنبي ، فلم يعد ثمة محل للمسئولية العقدية ليختار الدائن بينها وبين فسخ العقد كما كان يفعل لو أن الاستحالة لا ترجع إلى سبب أجنبي .

فلم يبق إلا فسخ العقد . ولذلك نص القانون على أن العقد ينفسخ من تلقاء نفسه ولا محل هنا للاعذار لأن الإعذار لا يتصور إلا إذا كان التنفيذ لا يزال ممكناً ولأن التنفيذ لم يعد ممكناً لا يكون هناك خيار للدائن بين التنفيذ والفسخ – وقد رأينا أن هذا الخيار يثبت للدائن في جميع صور الفسخ القضائي والاتفاقي – ولا يبقى ممكناً إلا فسخ العقد .

كذلك لا ضرورة لحكم قضائي بالفسخ ، فالعقد ينفسخ من تلقاء نفسه بحكم القانون كما قررنا . وإذا التجأ الدائن للقضاء فإنما يكون ذلك ليتقرر أن استحالة التنفيذ بسبب أجنبي أمر محقق – فقد يقوم نزاع في ذلك – وأن العقد قد انفسخ ،

فالحكم هنا يقرر الفسخ لا ينشئه ، على النحو الذي رأيناه في بعض صور الفسخ الاتفاقي . 

– مبدأ تحمل التبعة :فإذا انفسخ العقد بحكم القانون ، كانت التبعة في انقضاء الالتزام الذي استحال تنفيذه واقعة على المدين بهذا الالتزام . فهو لا يد له في استحالة التنفيذ لأن استحالة راجعة إلى سبب أجنبي ، ومع لك لا يستطيع أن يطالب الدائن بتنفيذه الالتزام المقابل . فالخسارة في نهاية الأمر تقع عليه وهو الذي يتحملها . وهذا هو مبدأ تحمل التبعة في العقد الملزم للجانبين . 

ويرجع هذا إلى فكرة الارتباط ما بين الالتزامات المتقابلة في العقود الملزمة للجانبين ، وهي الفكرة التي انبنى عليها انفساخ العقد .

ولو أن العقد كان ملزماً لجانب واحد ، كالوديعة غير المأجورة ، و استحال تنفيذ التزام المودع عنده لسبب أجنبي ، بأن هلك الشيء في يده بقوة قاهرة فاستحال عليه رده إلى الودع ، فإن الذي يتحمل التبعة هو الدائن لا المدين .

والسبب في ذلك يرجع الي انه ، إذ الدائن – وهو هنا المودع – ليس في ذمته التزام يتحلل منه في مقابل تحل المدين – وهو هنا المودع عنده – من التزامه . فالدائن هو الذي يتحمل الخسارة في آخر الأمر من جراء استحالة تنفيذ التزام المدين ، وهو الذي يتحمل تبعة هذه الاستحالة . 

فيمكن القول إذن بوجه عام إن المدين هو الذي يتحمل التبعة في العقود الملزمة للجانبين ، والدائن هو الذي يتحملها في العقود الملزمة لجانب واحد  . 

 الأثر الذي يترتب على إنفساخ العقد بحكم القانون

وإذا انفسخ العقد بحكم القانون ، ترتب على انفساخه من الأثر ما يترتب على فسخه بحكم القاضي أو بحكم الاتفاق كما سبق القول . فيعاد المتعاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل العد ( م 160 ) . ولا محل للتعويض لأن المدين قد انقضى التزامه بقوة قاهرة . 

فيما عدا التعويض ، من انحلال العقد بأثر رجعي ، ومن أثر الفسخ فيما يبني المتعاقدين وبالنسبة إلى الغير ، ومن انعدام الأثر الرجعي بالنسبة إلى العقود الزمنية ، ينطبق هنا . فلا حاجة إلى التكرار .

(الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/ الأول الصفحة/  999 ) 

أحكام ومبادىء محكمة النقض المصرية بشأن الإنفساخ

1 ــ من المستقرعليه في أحكام محكمة النقض المصرية بشأن الإنفساخ علي انه :

” لما كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بفسخ عقد البيع موضوع النزاع والتسليم على أن الطاعن أخل بالبند السابع منه بتجزئته قطعة الأرض محله وذلك ببيعه نصف هذه المساحة لآخرين.

واستدل على ذلك بعقد بيع صادر من الطاعن لآخرين بتاريخ 1/11/1980 مع أن العقد سابق فى تاريخه ووجوده على العقد موضوع النزاع فإنه يكون قد رتب جزاء الفسخ على تصرف سابق على وجوده وأعتبره إخلالا بشروطه بما لا يصلح سندا لفسخه .

مع أن الإخلال بالالتزام لايكون إلا تاليا لوجوده على نحو مخالف لشروطه مما يعيب الحكم بالخطأ فى تطبيق القانون والفساد فى الاستدلال. “

(الطعن رقم 1131 لسنة 68 جلسة 1999/10/26 س 50 ع 2 ص 1038 ق 203) 

2 ــ إستقرت أحكام محكمة النقض المصرية بخصوص الإنفساخ علي انه :

“النص فى المادة 569 / 1 من القانون المدني على أنه “اذا هلكت العين المؤجرة أثناء الإيجار هلاكاً كلياً انفسخ العقد من تلقاء نفسه” هذا النص يعتبر تطبيقاً للقاعدة العامة التي تقضى بإنفساخ العقد لاستحالة التنفيذ الراجع إلى انعدام المحل لهلاك العين المؤجرة هلاكاً كلياً أصبح معه تنفيذ عقد الإيجار مستحيلاً ومن ثم ينفسخ من تلقاء نفسه وبحكم القانون،

وتقرر المادة 159 من القانون المدني القاعدة العامة فى هذا الصدد إذ تقول” فى العقود الملزمة للجانبين إذا انقضى التزام بسبب استحالة تنفيذه انقضت معه الإلتزامات المقابلة له وينفسخ العقد من تلقاء نفسه” .

والمشرع فى النصين سالفى الذكر لم يميز بين ما اذا كان الهلاك غير راجع لخطأ المؤجر فينفسخ العقد بحكم القانون وبين ما إذا كان الهلاك راجعاً إلى خطأ المؤجر فيجوز للمستأجر طلب الفسخ قضاء بل جعل الحكم فى الحالتين واحد وهو إنفساخ العقد بحكم القانون وترتيباً على ذلك يكون لكل من الطرفين طلب الإنفساخ ويعتبر العقد مفسوخاً من وقت الهلاك ولا حاجة إلى حكم بذلك وإن صدر مثل هذا الحكم فإنما يكون مقرراً لهلاك العين وإنفساخ العقد .

ويؤيد ذلك ما جاء بالمذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي للقانون المدني فى هذا الصدد بأنه قد تهلك العين هلاكاً كلياً سواء كان ذلك من جراء عدم القيام بالترميمات اللازمة لحفظ العين أو بخطأ المؤجر أو المستأجر أو بقوة قاهرة .

وفي كل هذه الأحوال ينفسخ العقد من تلقاء نفسه لإنعدام المحل وهذا هو المقرر فى قضاء النقض فى أحكامه الأخيرة إذ جرى على أن هلاك العين المؤجرة هلاكاً كلياً يؤدى إلى انفساخ عقد الايجار من تلقاء نفسه أياً كان السبب فى هذا الهلاك ولو كان ذلك بسبب المؤجر ولا يجبر على اعادة العين إلى أصلها. “

(الطعن رقم 1886 لسنة 54 جلسة 1991/05/09 س 42 ع 1 ص 1048 ق 168) 

3 ــ جاءت أحكام محكمة النقض المصرية بشأن الإنفساخ علي انه :

“إذ كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه انه اقام قضاءه برفض الدعوى على ما خلص اليه من توافر القوة القاهرة المتمثلة فى احتلال اسرائيل لشبه جزيرة سيناء على أثر حرب 1967 واستحالة استمرار الطاعن فى وضع يده على العين التى يستأجرها والتى تقع بالمنطقة المحتله ورتب على ذلك انفساخ عقد الإيجار .

وكان مفاد ما خلص اليه وما ثبت من الدعوى من بقاء العين المؤجرة – بعد أن زال الاحتلال صالحة للغرض الذى اجرت من أجله أنه من شأن القوة القاهرة استحالة تنفيذ عقد الايجار استحالة مطلقة إنما انحصر فى وقف تنفيذ العقد حتى اذا ما زال الحادث الذى كان يعوق تنفيذه واسترد المطعون عليها الثانى ولثالث – المؤجران – العين المؤجرة فإن التزاماتهما الناشئة عن العقد تكون واجبة التنفيذ ،

وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر ورتب على توافر القوة القاهرة – بطريق اللزوم – إنفساخ عقد الإيجار. فإنه يكون قد خالف القانون” . 

(الطعن رقم 865 لسنة 53 جلسة 1991/01/30 س 42 ع 1 ص 336 ق 55) 

4 ــ إستقرت أحكام محكمة النقض المصرية علي انه :

“القوة القاهرة التى ينفسخ بها العقد – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – هى التى تجعل تنفيذ العقد مستحيلاً استحالة مطلقة لسبب أجنبى عن المدين.

مما مؤداه أنه إذا كانت القوة القاهرة تمثل مانعاً مؤقتاً من التنفيذ فلا يكون لها أثر سوى وقف تنفيذ الالتزام فى الفترة التى قام فيها الحادث حتى اذا ما زال هذا الحادث عاد للالتزام قوته فى التنفيذ . “

(الطعن رقم 865 لسنة 53 جلسة 1991/01/30 س 42 ع 1 ص 336 ق 55) 

5 ــ إستقرت أحكام محكمة النقض المصرية علي انه :

“المقصود بدعوى صحة و نفاذ عقد البيع هو تنفيذ إلتزام البائع بنقل ملكية العقار المبيع إلى المشترى و الحصول على حكم يقوم تسجيله مقام تسجيل العقد فى نقل الملكية .

و البائع لا يعفى من هذا الإلتزام إلا إذا أصبح تنفيذه مستحيلاً ، فإذا كانت الإستحالة ترجع إلى سبب أجنبى لا يد للبائع فيه فإن الإلتزام بنقل الملكية ينقضى طبقاً للمادة 373 من القانون المدنى و ينفسخ عقد البيع بسبب ذلك إعمالا لحكم المادة 159 من هذا القانون.” 

(الطعن رقم 980 لسنة 48 جلسة 1982/12/02 س 33 ع 2 ص 1104 ق 199) 

1 ــ إستقرت أحكام محكمة النقض المصرية علي انه :

“المقصود بالإستحالة التى ينقضى بها الإلتزام هو الإستحالة المطلقة لطروء قوة قاهرة أو حادث جبرى طارئ لا قبل للملتزم بدفعه أو توقعه ،

و إذ كان الحكم المطعون فيه قد أسس قضاءه برفض دعوى الطاعنين على أن قرار لجنة مراجعة المبانى بمحافظة بورسعيد الذى صدر بالعدول عن قرار هدم البناء القائم على الأرض المبيعة من شأنه أن يجعل الوفاء بإلتزام المطعون ضده بنقل ملكية المبيع مستحيلاً إستحالة مرجعها إلى سبب أجنبى لا يد له فيه ،

لما كان ذلك و كان صدور مثل هذا القرار و إن أدى إلى عرقلة تنفيذ إلتزام البائع الوارد بالعقد بإزالة المبانى القائمة على الأرض المبيعة و تسليمها خالية إلى المشترى فى الميعاد المتفق عليه إلا أنه لا يعتبر مانعاً من قبيل الإستحالة المطلقة التى تجعل الإلتزام بنقل الملكية ذاته مستحيلاً .

إذ ليس فى القانون ما يحول دون أن ينقل البائع ملكية الأرض المبيعة إلى مشتريها دون المبانى المقامة عليها و دون تسليمها.” 

(الطعن رقم 980 لسنة 48 جلسة 1982/12/02 س 33 ع 2 ص 1104 ق 199) 

1 ــ إستقرت أحكام محكمة النقض المصرية علي انه :

“النص فى الفقرة الأولى من المادة 153 من القانون المدنى على انه ” إذا تعهد شخص بأن يجعل الغير يلتزم بأمر فلا يلزم الغير بتعهده . فإذا رفض الغير أن يلتزم ، وجب على المتعهد أن يعوض من تعاقد معه ، و يجوز له مع ذلك أن يتخلص من التعويض بأن يقوم بنفسه بتنفيذ الإلتزام الذى تعهد به ”

. يؤدى بتطبيقه على واقعة النزاع إلى أنه عندما تعاقد الطاعن بإسمه لإستئجار شقة النزاع لتكون مقر الجمعية فإن هذا التعاقد كان يتضمن تعهد الطاعن بأن تقبل الجمعية عند إنشائها إستئجار الشقة.

ويعتبر العقد المبرم بين الطاعن والمطعون ضده – المؤجر – مشتملاً على إيجاب من هذا الأخير موجهاً للجمعية ، إذا قبلت صارت مستأجرة للعين محل النزاع بموجب عقد إيجار جديد بينها و بين المؤجر ، يحل محل العقد الذى أبرمه الطاعن و تم تنفيذه بقبول الجمعية.

وإذ حلت الجمعية فقد إنقضت شخصيتها القانونية التى كانت تستأجر العين محل النزاع ، مما يجعل تنفيذ عقد الإيجار مستحيلاً لإنعدام المستأجر فينفسخ بقوة القانون عملاً بالمادة 159 من القانون المدنى .

ولا يحق للطاعن الإدعاء بأنه ما زال مستأجراً للعين إذ أن تعاقده إنتهى بمجرد قيام الجمعية و قبولها الإستئجار ، أو الإدعاء بأن جمعية خلفت الجمعية المنحلة فى عقد الايجار لأن لكل من الجمعيتين شخصية قانونية مستقلة تنشأ بشهر نظامها و تنقضى بحلها فيحظر على أعضائها .

كما يحظر على القائمين على إدارتها وعلى موظفيها مواصلة نشاطها أوالتصرف فى أموالها عملاً بالفقرة الأولى من المادة 58 من القانون 22 لسنة 1964 بشأن الجمعيات والمؤسسات الخاصة.” 

(الطعن رقم 529 لسنة 45 جلسة 1979/12/26 س 30 ع 3 ص 379 ق 408) 

8 ــ الإنفساخ في أحكام محكمة النقض المصرية علي انه :

“يشترط فى القوة القاهرة أو الحادث المفاجىء الذى يترتب عليه إستحالة التنفيذ و ينقضى به إلتزام عدم إمكان توقعة و إستحالة دفعه ،

و تقدير ما إذا كانت الواقعه المدعى بها تعتبر قوة قاهرة هو تقدير موضوعى تملكه محكمة الموضوع فى حدود سلطتها التقديرية متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة.” 

(الطعن رقم 2 لسنة 46 جلسة 1979/03/19 س 30ع 1 ص 859 ق 158) 

9 ــ إستقرت أحكام محكمة النقض المصرية علي انه :

“عقد البيع – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – ينفسخ حتما ومن تلقاء نفسه طبقا للمادة 159 من القانون المدنى بسبب إستحالة تنفيذ إلتزام أحد المتعاقدين لسبب أجنبى ، ويترتب على الإنفساخ – ما يترتب على الفسخ من عودة المتعاقدين إلى الحالة التى كانا عليها قبل العقد ، ويتحمل تبعة الإستحالة .

فى هذه الحالة المدين بالإلتزام الذى إستحال تنفيذه عملاً بمبدأ تحمل التبعة فى العقد الملزم للجانبين و لما كان الحكم قد أثبت أن إلتزام مورث الطاعنين نقل ملكية العقار المبيع للمطعون عليه قد صار مستحيلاً بسبب إستيلاء جهة الإصلاح الزراعى عليه تنفيذا لحكم القانون رقم 127 لسنة 1961 – بتحديد الحد الأقصى للملكية الزراعية للفرد بما يزيد عن مائة فدان.

فإنه يكون بذلك قد أثبت إن إستحالة تنفيذ هذا الإلتزام ترجع لسبب أجنبى .” 

(الطعن رقم 119 لسنة 43 جلسة 1977/04/05 س 28 ع 1 ص 909 ق 156) 

10 ــ إستقرت أحكام محكمة النقض المصرية بما يتعلق بــ الإنفساخ علي انه :

الهلاك المنصوص عليه فى المادة 437 من القانون المدنى ، هو زوال الشىء المبيع بمقوماته الطبيعية و لا يعد إستيلاء جهة الإصلاح الزراعى على الأطيان المبيعة بعد البيع هلاكاً لها تجرى عليه أحكام الهلاك فى البيع.

و تطبيق أحكام ضمان الإستحقاق لا يكون إلا حيث يرجع المشترى على البائع بهذا الضمان على أساس قيام عقد البيع أما إذا أختار المشترى سبيل المطالبة بفسخ العقد فإنه لا مجال لتطبيق هذه الأحكام و لما كان الحكم امطعون فيه قد خلص إلى أن المطعون عليه رفع دعواه بطلب فسخ عقد البيع بسبب إستيلاء جهة الإصلاح الزراعى على الأطيان المبيعة .

و قضى على الأساس السالف ذكره بإلزام الطاعنين برد الثمن الذى قبضه مورثهم – البائع – من المطعون عليه ، فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون . 

(الطعن رقم 119 لسنة 43 جلسة 1977/04/05 س 28 ع 1 ص 909 ق 156) 

11 ــ إستقرت أحكام محكمة النقض المصرية في الإنفساخ علي انه :

“إستحالة تنفيذ الإلتزام – بنقل الملكية – لسبب أجنبى ، لا يعفى البائع مورث الطاعنين من رد الثمن الذى قبضه من المشترى – المطعون عليه – ، بل إن هذا الثمن واجب رده فى جميع الأحوال التى يفسخ فيها البيع بحكم القانون .

و ذلك بالتطبيق لحكم المادة 160 من القانون المدنى ، ويقع الغرم على مورث الطاعنين نتيجة تحمله التبعة فى إنقضاء إلتزامه الذى إستحال عليه تنفيذه – بإستيلاء جهة الإصلاح الزراعى على العين المبيعة – ولا يجدى فى ذلك دفاع الطاعنين بأن المطعون عليه أهمل فى تسجيل العقد أو إثبات تاريخه.” 

(الطعن رقم 119 لسنة 43 جلسة 1977/04/05 س 28 ع 1 ص 909 ق 156) 

12 ــ الإنفساخ وأحكام محكمة النقض المصرية علي انه :

“أن حق المشترى فى إسترداد الثمن من البائع فى حالة فسخ البيع يقوم على أساس إسترداد ما دفع بغير حق ،

وقد أكدت المادة 182 من القانون المدنى هذا المعنى بنصها على أنه يصح إسترداد غير المستحق إذا كان الوفاء قد تم تنفيذاً لإلتزام زال سببه بعد أن تحقق وهو ما ينطبق على حالة ما إذا نفذ أحد المتعاقدين إلتزامه فى عقد فسخ بعد ذلك.

إلا أنه فى حالة إنفساخ العقد من تلقاء نفسه طبقاً للمادة 159 من القانون المدنى لإستحالة تنفيذ البائع لإلتزامه بنقل الملكية – بسبب تأميم وحدة سيارات البائع تنفيذاً للقانون رقم 151 لسنة 1963 فإن الثمن لا يقضى به فى هذه الحالة إلا كأثر من الآثار المترتبة على فسخ العقد أو إنفساخه طبقاً للمادة 160 من القانون المدنى التى تقضى بأنه إذا فسخ العقد أعيد المتعاقدان إلى الحالة التى كانا عليها قبل العقد.”

(الطعن رقم 256 لسنة 43 جلسة 1977/01/11 س 28 ع 1 ص 211 ق 48) 

13 ــ أحكام محكمة النقض المصرية و الإنفساخ علي انه :

“يترتب على الإنفساخ ما يترتب على الفسخ من عودة المتعاقدين إلى الحال التى كانا عليها قبل العقد ، فيرد المشترى المبيع وثماره إذا كان قد تسلمه ، ويرد البائع الثمن وفوائده .

وإذ كان الثابت أن المطعون عليهما قد أقاما دعواهما طالبين الحكم بفسخ عقد البيع الصادر لهما من المرحوم . . . . . الذى يمثله الطاعن لإستيلاء الإصلاح الزراعى على الأطيان موضوع العقد فى يونيه سنة 1958 إعتباراً من أول نوفمبر سنة 1955 وبتعويضهما عن الأجرة التى دفعاها إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعى عن المدة من سنة 1955 حتى سنة 1958 ،

وكان يترتب على هذا الإستيلاء إنفساخ العقد حتماً ومن تلقاء نفسه طبقاً للمادة 159 من القانون المدنى بسبب إستحالة نقل الملكية إليهما ، فإنه يكون عليهما وقد إنفسخ العقد أن يرد الثمار إلى البائع عن المدة السابقة على إستيلاء الإصلاح الزراعى على الأرض مقابل رد البائع ما عجل من الثمن وفوائده حتى تاريخ الإستيلاء .

أما بعد هذا الإستيلاء فأن وضع يد المطعون عليهما على الأطيان لايكون مستنداً إلى أية رابطة تربطهما بالطاعن بعد أن إنفسخ عقده ، وآلت الملكية للإصلاح الزراعى بحكم القانون الآمر الذى يترتب عليه قيام علاقة جديدة بين المطعون عليهما والإصلاح الزراعى من تاريخ الإستيلاء .

ولا شأن للطاعن بالأطيان ما دام أنه لا خلاف فى أن المطعون عليهما الأولين هما اللذان كانا يضعان اليد عليها فى المدة من أول نوفمبر سنة 1955 حتى أخر أكتوبر سنة 1958 ، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه إذ قضى للمطعون عليهما ضد الطاعن بمبلغ …. تعويضاً عن أجرة الأطيان المستحقة للإصلاح الزراعى فى المدة المذكورة التالية لإنفساخ العقد قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه.”

(الطعن رقم 568 لسنة 39 جلسة 1974/11/21 س 25 ع 1 ص 1266 ق 215) 

14 ــ أحكام محكمة النقض المصرية في الإنفساخ علي انه :

“نزع ملكية العين المؤجرة للمنفعة العامة يعد هلاكاً كلياً يترتب عليه إنفساخ العقد بقوة القانون لإنعدام المحل ولا يجوز للمستأجر فى هذه الحالة أن يطالب المؤجر بتعويض وهو ما تقضى به الفقرتان الاولى والثالثة من المادة 569 من القانون المدنى.

وإذ كان الثابت فى الدعوى أنه صدر قرار وزارى بنزع ملكية العمارة التى كان يستأجر المطعون عليه الأول شقة فيها فإنها تعد فى حكم الهالكة هلاكاً كلياً وينفسخ العقد من تلقاء نفسه ، ويكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ فى تطبيق القانون إذ إعتبر أن الطاعنة ” المؤجرة ” قد أخطأت بإخلاء المطعون عليه الأول من الشقة التى كان يسكنها وقضى له بالتعويض على هذا الأساس.”

(الطعن رقم 163 لسنة 39 جلسة 1974/11/12 س 25 ع 1 ص 1213 ق 205) 

15 ــ الإنفساخ وفقاً لما إستقرت أحكام محكمة النقض المصرية علي انه :

“إذ يبين من مطالعة الأوراق أن البيع موضوع الدعوى الذى إنتهى الحكم المطعون فيه – إن خطأ أو صوابا – إلى إنعقاده صحيحاً قبل حصول التأميم ، قد أنصب على مقومات مضرب الأرز من أرض و مبان و آلات ثابتة ، و كان المضرب بمقوماته هذه يعتبر عقاراً .

وإذا كانت ملكية العقار لا تنتقل لا بين المتعاقدين و لا بالنسبة إلى الغير إلا بالتسجيل ، و كان عقد بيع هذا المضرب لم يسجل قبل حصول التأميم ، فإن تلك الملكية تكون قد بقيت للبائعة حتى نقلها التأميم إلى الدولة .

و بذلك إستحال على البائعة تنفيذ إلتزامها بنقل الملكية إلى المشترية . متى كان ذلك و كان قانون التأميم لم يتضمن نص كالذى تضمنته قواينن الإصلاح الزراعى بالإعتداد بتصرفات المالك الثابتة التاريخ قبل العمل به ، بل أنه خلا من أى تنظيم لهذه التصرفات و بذلك بقيت على أصلها خاضعة لأحكام القانون المدنى ، من إشتراط التسجيل لإنتقال ملكية العقار فيما بين المتعاقدين .

و لا يغنى تسليم المبيع عنه شيئاً فى نقل الملكية ، و إذا كان عقد البيع ينفسخ حتماً ومن تلقاء نفسه طبقاً للمادة 159 من القانون المدنى بسبب إستحالة تنفيذ إلتزام أحد المتعاقدين لسبب أجنبى ،

ويترتب على الإنفساخ ما يترتب على الفسخ من عودة المتعاقدين إلى الحالة التى كانا عليها قبل العقد ، و يتحمل تبعة الإستحالة المدين بالإلتزام الذى إستحال تنفيذه عملاً بمبدأ تحمل التبعة فى العقد الملزم للجانبين و ذلك بالتطبيق للمادة 160 من القانون المدنى .

و إذا خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر و إنتهى إلى إلزام الطاعنة – المشترية – بأن تدفع ثمن المضرب إلى المطعون عليها الأولى – البائعة – تأسيساً على القول بإنعقاد البيع صحيحاً بين الطرفين و تنفيذه بتسليم المضرب إلى الطاعنة تمهيداً لتحرير العقد النهائى الناقل للملكية.

بأنه لا أثر للتأميم على حق البائعة فى إقتضاء ثمن الصفقة ، لحصوله فى تاريخ لاحق لإنعقاد ذلك العقد ، فإنه يكون معيباً بمخالفة القانون .”

(الطعن رقم 424 لسنة 38 جلسة 1974/06/09 س 25 ع 1 ص 1027 ق 169) 

16 ــ في الإنفساخ إستقرت أحكام محكمة النقض المصرية علي انه :

“من مقتضى القواعد العامة فى القانون المدنى أن الإلتزام ينقضى إذا أصبح الوفاء به مستحيلاً بسبب أجنبى لا يد للمدين فيه ، وأنه فى العقود الملزمة للجانبين إذا إنقضى الإلتزام بسبب إستحالة تنفيذه إنقضت معه الإلتزامات المقابلة له وينفسخ العقد من تلقاء نفسه.

ولئن كان مقتضى تطبيق هذه القواعد على عقد العمل أن تجنيد العامل يعد قوة قاهرة تجعل تنفيذ الإلتزام مستحيلاً على العامل .

ومن ثم ينفسخ العقد من تلقاء نفسه بمجرد تجنيد العامل ، إلا أنه لا مانع من إتفاق طرفى العقد على الإبقاء عليه ووقف نشاطه فى فترة التجنيد حتى إذا إنتهت عاد إلى العقد نشاطه و إستمر العامل فى عمله تنفيذا لهذا العقد.”

(الطعن رقم 450 لسنة 35 جلسة 1972/03/25 س 23 ع 1 ص 514 ق 81) 

17 ــ مبادىء وأحكام محكمة النقض المصرية في الإنفساخ علي انه :

“يعتبر الفسخ واقعا فى العقد الملزم للجانبين باستحالة تنفيذه ، ويكون التنفيذ مستحيلا على البائع ، بخروج المبيع من ملكه وبجعله مسئولا عن رد الثمن ، ولا يبقى بعد إلا الرجوع بالتضمينات إذا كانت الإستحالة بتقصيره.

وإذ كان الحكم المطعون فيه قد جعل الطاعنة ” البائعة ” مسئولة عن رد الثمن بسبب استحالة التنفيذ بعد إنتقال ملكية الأطيان المبيعة إلى الغير بعقد البيع المسجل ، ثم رتب على فسخ البيع إلزام البائع برد الثمن .

فإن الحكم يكون مقاما على أسباب تكفى لحمل قضائه ، ولاعليه إن هو أغفل الرد على ما تمسكت به الطاعنة ” البائعة ” فى دفاعها من عدم جواز مطالبتها بالثمن قبل طلب الفسخ . “

(الطعن رقم 37 لسنة 37 جلسة 1971/06/03 س 22 ع 2 ص 734 ق 120) .

نوصي بقراءة مدونة : «دنيا المنوعات»