الدفع بعدم الاختصاص الولائى أو القيمى أو النوعى .. في ضوء مبادىء و أحكام محكمة النقض المصرية

في التقرير التالي تلقي “الناس و القانون” الضوء علي ما هية الدفع بعدم الاختصاص الولائى أو القيمى أو النوعى .. في ضوء أحكام ومبادىء محكمة النقض المصرية حيث جاء في حكم محكمة النقض المصرية الطعن رقم ٢٩٥٦ لسنة ٨٥ قضائية الدوائر التجارية أن الدفع بالاختصاص الولائى أو القيمى أو النوعى يعتبر مطروحاً دائما على محكمة الموضوع لتعلقه بالنظام العام ولو لم يدفع به ولا يسقط الحق في التمسك به حتى ولو تنازل عنه الخصوم ويجوز الدفع به لأول مرة أمام محكمة النقض … بقلم “أشرف فؤاد” المحامي بالنقض.

ما هو المعنى القانونى للحكم بعدم الاختصاص والإحالة بالمحاكم!!؟

 

المحاكم المصرية تتعدد أنواع باختلاف اختصاصاتها سواء الاختصاص الولائي أو القيمى أو النوعى أو المكانى، ، ويختص كل نوع من أنواع المحاكم بالتالى:

اولاً : الاختصاص الولائى

مقهوم الاختصاص الولائي أن تكون الدعوى ضمن ولاية المحكمة المنظورة أمامها، وإلا دفع الخصم بعدم الاختصاص، وهذا النوع من الاختصاص يحدد الجهة القضائية التى يدخل النزاع فى اختصاصها، ويُقصد به توزيع العمل بين الجهات القضائية المختلفة، أما توزيع العمل داخل الجهة القضائية الواحدة بين محاكمها المختلفة فإنه يطلق عليه تعبير الاختصاص النوعى، إذا كان هذا التوزيع قائم على أساس تصنيف القضايا حسب نوعها، أو تعبير الاختصاص المحلى إذا كان التوزيع قائما على أساس مكانى، أو تعبير الاختصاص القيمى إذا كان هذا التوزيع قائما على قيمة القضية .

وبمن ثم فإن الإختصاص الولائى هو الخاص بولاية المحكمة بنظر الدعوى، مثل ولاية محكمة القضاء الإدارى على نظر المنازعات التى تكون إحدى الجهات الإدارية فى الدولة طرفا فيها، أو المنازعات الخاصة بجميع القرارات الإدارية التى تصدر من جهة الإدارة عدا القرارات التى تصدر من الجهات السيادية بالدولة، وكذا مثل اختصاص ولاية المحاكم الاقتصادية على عدد من القضايا الخاصة بتطبيق قوانين الاتصالات أو حماية الملكية الفكرية أو المصنفات أو الإفلاس أو غيرها من القضايا التى تدخل ضمن ولاية المحاكم الاقتصادية .

الاختصاص النوعى

يشمل الاختصاص النوعى نوع القضية وما إذا كانت دعوى مدنية أو تجارية أو أحوال شخصية أو مستعجلة أو جنائية، فهنا الاختصاص النوعى للمحاكم هو الذى يكون فيه نوع الدعوى المنظورة هو الأساس لاختصاص محكمة دون غيرها بنظر الدعوى .

الاختصاص القيمى

 الاختصاص القيمى للمحاكم يوضح المحاكم الكلية والجزئية، واختصاص المحاكم الكلية بالدعاوى التى تزيد قيمتها على مبلغ معين من المال ، وتختص المحاكم الكلية بالدعاوى التي قيمتها كبيرة ، واختصاص المحاكم الجزئية بالدعاوى التى لا تجاوز مبلغ اقل من المال ، طبقا للثابت بمواد ونصوص قانون المرافعات المصري ، علي سبيل المثال نصت المادة 42 من قانون المرافعات المصري علي أن :”تختص محكمة المواد الجزئية بالحكم ابتدائيا فى الدعاوى المدنية والتجارية التى لا تجاوز قيمتها أربعين ألف جنيه، ويكون حكمها انتهائيا إذا كانت قيمة الدعوى لا تجاوز عشرة آلاف جنيه، وذلك مع عدم الإخلال بما للمحكمة الابتدائية من اختصاص شامل فى الإفلاس والصلح الواقى وغير ذلك مما ينص عليه القانون”.

كما جاء بنص المادة 47 من قانون المرافعات المصري أن : “تختص المحكمة الابتدائية بالحكم ابتدائيا فى جميع الدعاوى المدنية والتجارية التى ليست من اختصاص محكمة المواد الجزئية، ويكون حكمها انتهائيا إذا كانت قيمة الدعوى لا تجاوز عشرة آلاف جنيه”.

استثناءات للاختصاص القيمى للمحاكم

يوجد عدد من الاستثناءات بالنسبة للاختصاص القيمى للمحاكم بخصوص بعض القضايا، مثل قضايا صحة التوقيع، التى تكون ضمن اختصاص المحاكم الجزئية أيا كان نوعها، أو قضايا تقسيم المواريث والتركات فتكون جزئية أيا كانت قيمتها .

الاختصاص المحلى أو المكانى

الاختصاص المحلى أو المكانى للمحاكم المصرية ينقسم الي قسمين :

أولاً: الاختصاص المكانى

الاختصاص المكانى فى القضاء الجنائى ثلاثة أنواع متساوية فيما بينها، النوع الأول:  مكان إقامة المتهم وهو الأصل فى رفع الدعاوى الجنائية، والنوه الثانى: مكان وقوع الجريمة، أي المكان الذ ارتكبت فيه الجريمة (الواقعة) ، اما النوغ الثالث: فهو مكان القبض على المتهم.

تعد هذه الأنواع الثلاثة قسائم متساوية فيما بينها، فإذا وقعت الجريمة فى دائرة فإنها تختص بنظر الدعوى، وإذا قُبض على متهم فى دائرة فيختص بنظر الدعوى حتى إن وقعت الجريمة فى مكان آخر، وإن تعذر كلاهما فيكون اختصاص القضاء الجنائى لمكان إقامة المتهم .

ثانيا: الاختصاص المحلى

يكون الاختصاص المحلى فى كل إجراءات التقاضى التى لا تتعلق بالاختصاص الولائى أو النوعى، والأصل هنا هو اختصاص المحكمة التى يقع فى دائرتها موطن المدّعى عليه، وإن كان للمدَّعى عليه أكثر من موطن أو تعدد المدَّعى عليهم، فيكون الاختصاص لإحداها، ولكن هناك بعض الاستثناءات على الاختصاص المحلى، مثل محاكم الأسرة والأحوال الشخصية، فيكون الاختصاص للمحاكم التى يقع فى دائرتها المدّعى أو المدَّعى عليه، وكذا يكون الاختصاص للمحكمة التى تُرفع أمامها أول دعوى أحوال شخصية .

وللمحاكم المصرية الحكم من تلقاء نفسها بان تقضي بعدم اختصاصها بنظر الدعوى، لانتفاء ولايتها، أو بسبب نوع الدعوى أو قيمتها، حتي ولو بدون أبداءه من الخصوم بذلك، كما أن الدفع بعدم اختصاص المحكمة لانتفاء ولايتها أو بسبب النوع أو القيمة، يحق للخصوم الدفع به فى أى حالة تكون عليها الدعوى، وذلك طبقا لنص المادة 109 مرافعات “الدفع بعدم اختصاص المحكمة لانتفاء ولايتها أو بسبب نوع الدعوى أو قيمتها، تحكم به المحكمة من تلقاء نفسها، ويجوز الدفع به فى أية حالة كانت عليها الدعوى”.

حكم نقض

محكمة النقض المصرية

الطعن رقم ٢٩٥٦ لسنة ٨٥ قضائية

الطعن رقم 2956 لسنة 85 قضائية

الدوائر التجارية

جلسة ٢٠٢٠/١١/١٦

العنوان

اختصاص ” الاختصاص الولائى ، الاختصاص القيمى ، الاختصاص النوعى ” . محكمة الموضوع. نظام عام .

الموجز 

الدفع بعدم الاختصاص الولائى أو القيمى أو النوعى . اعتباره مطروحاً على محكمة الموضوع لتعلقه بالنظام العام . جواز التمسك به لأول مرة أمام محكمة النقض .

القاعدة

أن الدفع بالاختصاص الولائى أو القيمى أو النوعى يعتبر مطروحاً دائما على محكمة الموضوع لتعلقه بالنظام العام ولو لم يدفع به ولا يسقط الحق في التمسك به حتى ولو تنازل عنه الخصوم ويجوز الدفع به لأول مرة أمام محكمة النقض .

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق ، وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضى المقرر / اسماعيل برهان أمرالله ” نائب رئيس المحكمة ” والمرافعة وبعد المداولة .
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .

الوقائع

وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن البنك الطاعن أقام على المطعون ضده الدعوى رقم ٧٧ لسنة ٢٠٠٢ تجارى شمال القاهرة الابتدائية بطلب إلزامه بأن يؤدى له مبلغ ثمانية وعشرون مليون ومائة وواحد وستون ألف وسبعمائة واثنين جنيه وتسعة وثلاثون قرش وفوائده الاتفاقية بواقع ١٧ % حتى تمام السداد قيمة المديونية الناشئة عن عقد فتح الاعتماد وإصدار خطاب ضمان مؤرخ ٢٨ / ١٠ / ١٩٩٩ ، ولامتناعه عن السداد رغم إنذاره فقد أقام الدعوى .
ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى أودع تقريره وبتاريخ ٢٩ / ٩ / ٢٠٠٥ حكمت بإلزام المطعون ضده بصفته بأن يؤدى للبنك الطاعن المبلغ المطالب به والفوائد الاتفاقية ١٧ % من ٣١ / ٣ / ٢٠٠١ حتى تمام السداد ، استأنف المطعون ضده بصفته هذا الحكم برقم ١٦٥ لسنة١٦ ق لدى محكمة استئناف القاهرة ” مأمورية شمال القاهرة ” وبتاريخ ٥ / ١ / ٢٠١٥ قضت المحكمة بعدم اختصاصها نوعياً بنظر الاستئناف وإحالته بحالته إلى المحكمة الاقتصادية المختصة الدائرة الاستئنافية لنظره.
طعن البنك في هذا الحكم بطريق النقض ، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم المطعون فيه ، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها .

مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه

وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه إذ قضى بعدم اختصاصه بنظر الدعوى على خلاف نص المادتين الثانية والثالثة من القانون رقم ١٢٠ لسنة ٢٠٠٨ بإنشاء المحاكم الاقتصادية ، التى نصت على أن الأحكام الصادرة قبل تاريخ العمل به تخضع بخصوص طرق الطعن فيها للقواعد السارية وقت صدورها ، مما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى سديد ذلك أنه ولئن كان المقرر – بقضاء هذه المحكمة – أن الدفع بالاختصاص الولائى أو القيمى أو النوعى يعتبر مطروحاً دائما على محكمة الموضوع لتعلقه بالنظام العام ولو لم يدفع به ولا يسقط الحق في التمسك به حتى ولو تنازل عنه الخصوم ويجوز الدفع به لأول مرة أمام محكمة النقض إلا أنه لما كان النص بالفقرة الأولى من المادة الثانية من مواد إصدار القانون رقم ١٢ لسنة ٢٠٠٨ بإنشاء المحاكم الاقتصادية المعمول به اعتباراً من الأول من أكتوبر ٢٠٠٨ على أن ” تحيل المحاكم من تلقاء نفسها ما يوجد لديها من منازعات ودعاوى أصبحت بمقتضى أحكام القانون المرافق من اختصاص المحاكم الاقتصادية وذلك بالحالة التى تكون عليها وبدون رسوم … ” والنص في الفقرة الثالثة على أن ” ولا تسرى أحكام الفقرة الأولى على المنازعات والدعاوى المحكوم فيها أو المؤجلة للنطق بالحكم قبل تاريخ العمل بهذا القانون وتبقى الأحكام الصادرة فيها خاضعة للقواعد المنظمة لطرق الطعن السارية في تاريخ صدورها ” والنص في المادة الثالثة من القانون سالف البيان على أنه ” تستمر محكمة النقض ومحاكم الاستئناف والدوائر الاستئنافية في المحاكم الابتدائية بنظر الطعون المرفوعة أمامها قبل تاريخ العمل بهذا القانون ” يدل ذلك على أن الدعاوى المرفوعة قبل سريان القانون مار الذكر وتم الفصل فيها تبقى في اختصاص المحاكم التى تنظرها ، وتطبق عليها القواعد والإجراءات التى كانت سارية قبل تاريخ العمل بقانون المحاكم الاقتصادية ، ولا تحال إلى المحاكم المذكورة إلا الدعاوى المرفوعة بعد نفاذ القانون أمام المحاكم الابتدائية ، والتى تدخل في اختصاص المحاكم الاقتصادية نوعياً .

الحكم 

لذلك

لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بعدم الاختصاص وإحالة الدعوى للدائرة الاستئنافية بالمحكمة الاقتصادية لاختصاصها نوعياً بنظرها حال كون الحكم الابتدائي قد صدر فيها بتاريخ ٢٩ / ٥ / ٢٠٠٥ بما يكون معه استئنافه خاضعاً للقواعد العامة في قانون المرافعات عملاً بحكم الفقرة الثالثة من المادة الثانية من مواد إصدار القانون رقم ١٢٠ لسنة ٢٠٠٨ المشار إليه وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه على أن يكون مع النقض الإحالة .

أمين السر                             رئيس الدائرة