الدفع بتوافر حالة الدفاع الشرعى و انتفاء القصد الجنائي في جناية قتل بسلاح ناري مقترنة بجناية اخري

في التقرير التالي تلقي “الناس و القانون” الضوء علي الدفع بتوافر حالة الدفاع الشرعى وانتفاء القصد الجنائي في جناية قتل يسلاح ناري مقترنة بجناية اخري، وحيث انه  لما كان من المقرر وفقاً لما استقر عليه قضاء النقض أن تقدير الوقائع التى يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعى أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى، ولمحكمة الموضوع الفصل فيها بلا معقب عليها ما دام استنتاجها سليماً يؤدى إلى ما انتهى إليه، وكان الثابت للمحكمة أخذاً من أقوال الشهود أن المتهم هو الذى بادر بالاعتداء على المجنى عليهم بإطلاق عدة أعيرة نارية صوبهم إثر المشادة الكلامية التى طرأت بينهم ولم يثبت اعتداء أى من المجنى عليهم على المتهم ابتداء حتى يتذرع أنه كان فى حالة دفاع شرعى ومن ثم فإن دفعه فى هذا الصدد يكون غير سديد متعيناً رفضه.. ، بقلم “أشرف فؤاد” المحامي بالنقض.

محكمة النقض المصرية

الدوائر الجنائية

الطعن رقم 27639 لسنة 68 القضائية

الطعن رقم ۹ ۳ ٦ ٧ ۲ لسنة ۸ ٦ القضائية

جلسة الأول من إبريل سنة 2002

حكام النقض – المكتب الفنى – جنائى
السنة 53 – الجزء 1 – صـ 544

برئاسة السيد المستشار/ محمود إبراهيم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسام عبد الرحيم، سمير أنيس، سمير مصطفى وعبد المنعم منصور نواب رئيس المحكمة.

الطعن رقم 27639 لسنة 68 القضائية

1 – استدلالات. دفوع “الدفع بعدم جدية التحريات”. محكمة الموضوع “سلطتها فى تقدير الدليل”.
وجوب إبداء الدفع بعدم جدية التحريات فى عبارة صريحة. الرد على الدفع بعدم جدية التحريات. غير لازم. ما دامت المحكمة لم تعول فى الإدانة على دليل مستمد منها.

2 – إثبات “شهود”. محكمة الموضوع “سلطتها فى تقدير الدليل”. قتل عمد.
دفاع المتهم بتعدد روايات المجنى عليه وتناقضها غير مقبول. متى كان المستفاد منها إطلاق المتهم أو أعيرة نارية أصاب بعضها المجنى عليهما فى مقتل وأحدث البعض منها إصابتهما. مؤدى ذلك؟

3 – إثبات “بوجه عام”. محكمة الموضوع “سلطتها فى تقدير الدليل”.

تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم. موضوعى.

دفاع المتهم بأن أدلة الدعوى واحدة بالنسبة له وللمتهم المقضى ببراءته فى الدعوى. جدل موضوعى فى تقدير الدليل.

4 – حكم “حجيته”. إثبات “قوة الأمر المقضى”.
حكم البراءة الصادر من محكمة أخرى بالنسبة لمتهم آخر. لا يقيد المحكمة فى وزنها لأدلة الإدانة قبل المتهم الماثل.

أحكام البراءة. متى تعتبر عنواناً للحقيقة بالنسبة للمتهمين أو لغيرهم ممن يتهمون فيها.

5 – إثبات “بوجه عام”. حكم “حجيته”. محكمة الموضوع “سلطتها فى تقدير الدليل”.
عدم تقيد القاضى عند محاكمة متهم بحكم صادر فى ذات الواقعة ضد متهم آخر.

6 – أسباب الإباحة وموانع العقاب “الدفاع الشرعى”. محكمة الموضوع “سلطتها فى تقدير قيام حالة الدفاع الشرعى”. محكمة النقض “نظرها الطعن والحكم فيه”. قتل عمد.

تقدير قيام حالة الدفاع الشرعى أو انتفاؤها. موضوعى. ما دام سائغاً.

7 – قتل عمد. قصد جنائى. محكمة الموضوع “سلطتها فى تقدير توافر القصد الجنائى”. محكمة النقض “نظرها الطعن والحكم فيه”.

قصد القتل أمر خفى إدراكه بالظروف المحيطة والأمارات والمظاهر التى تنم عنه. استخلاص توافره. موضوعى.
مثال للتدليل على توافر نية القتل لحكم صادر من محكمة النقض لدى نظرها موضوعى الدعوى.

8 – قتل عمد. اقترن. جريمة “الجريمة المقترنة”. ظروف مشددة. محكمة الموضوع “سلطتها فى تقدير الاقتران”.
ظرف الاقتران بالمعنى المقصود بالمادة 234/ 2 عقوبات. توافره باستقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما تقدير ذلك. موضوعى.

9 – محكمة النقض “نظرها الطعن والحكم فيه”. قتل عمد.

مثال لحكم بالإدانة صادر من محكمة النقض لدى نظرها موضوع الدعوى فى جريمة قتل عمد وشروع فيه.

1 – لما كان ما تمسك به دفع المتهم من الدفع بعدم جدية التحريات، قد جاء قولاً مرسلاً على إطلاقه ولا يحمل على الدفع الصريح الذى يجب إبداؤه فى عبارة صريحة تشتمل على بيان المراد منه وفضلاً عن ذلك، فإن المحكمة عولت فى قضائها على ما اطمأنت إليه من أدلة الثبوت التى قام عليها الحكم ولم تعول على أى دليل مستمد من التحريات وما أسفرت عنه ومن ثم فلا حاجة للرد على الدفع.

2 – لما كان ما جاء بدفاع المتهم من أن المجنى عليه تعددت رواياته وأنها متناقضة قول غير سديد، ذلك أن الثابت بالتحقيقات أن المجنى عليه المذكور شهد بأن المتهم….. قد أصاب المجنى عليهما فى مقتل كما أصابه أيضاً بأعيرة نارية من مسدس كان يحمله، ومن ثم فإن المحكمة تطمئن إلى تلك الأقوال وتأخذ منها دليلاً على إدانة المتهم.

3 – من المقرر أن تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم هو من اختصاص محكمة الموضوع وحدها وأنها حرة فى تكوين عقيدتها حسب تقديرها واطمئنانها إليها ومن ثم فإن ما يثيره الدفاع فى هذا الشأن لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً فى تقدير الدليل وفى سلطة المحكمة فى وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها.

4 – لما كان حكم البراءة والذى قضت به محكمة أخرى بالنسبة لمتهم آخر لا يقيد المحكمة فى وزنها لأدلة الإدانة قبل المتهم الماثل، ذلك أن الواضح من مدونات حكم البراءة المرفق بالأوراق والذى قضى ببراءة المتهم أن سند البراءة هو أن الأدلة التى ساقتها النيابة العامة قبله تحوطها الشكوك والريب وأنها جاءت قاصرة وعاجزة عن بلوغ حد الكفاية لاطمئنان المحكمة واقتناعها وأنها انتهت بمدونات حكمها للأسباب التى ذكرتها وأخذاً بالمستندات التى قدمها المتهم وشهود نفيه إلى عدم تواجده بمكان الحادث وبالتالى فقد اطمأنت – المحكمة – إلى عدم مشاركته فى ارتكاب الحادث وعدم صحة إسناد التهمة إليه. لما كان ذلك، وكان البين من مدونات حكم البراءة سالف البيان أن القضاء ببراءة المتهم بنى على أسباب شخصية لصيقة بذات المتهم، والمقرر أن أحكام البراءة لا تعتبر عنواناً للحقيقة سواء بالنسبة إلى المتهمين فيها أو لغيرهم ممن يتهمون فى ذات الواقعة إلا إذا كانت البراءة مبنية على أسباب غير شخصية بالنسبة إلى المحكوم لهم بحيث تنفى حدوث الواقعة المرفوعة بها الدعوى مادياً وهو الأمر الذى لم يتوفر فى الدعوى المطروحة، فضلاً عن ذلك، فإنه لا سبيل إلى مصادرة المحكمة فى اعتقادها ما دامت قد بنت اقتناعها على أسباب سائغة، إذ الأمر يتعلق بتقدير الدليل ولا يتعدى أثره شخص المحكوم لصالحه.

5 – من المقرر أن القاضى وهو يحاكم متهماً يجب أن يكون مطلق الحرية فى هذه المحاكمة غير مقيد بشىء مما تضمنه حكم صادر فى ذات الواقعة على متهم آخر ولا مبال بأن يكون من وراء قضائه على مقتضى العقيدة التى تكونت لديه قيام تناقض بين حكمه والحكم السابق صدوره على مقتضى العقيدة التى تكونت لدى القاضى الآخر.

6 – لما كان من المقرر وفقاً لما استقر عليه قضاء النقض أن تقدير الوقائع التى يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعى أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى، ولمحكمة الموضوع الفصل فيها بلا معقب عليها ما دام استنتاجها سليماً يؤدى إلى ما انتهى إليه، وكان الثابت للمحكمة أخذاً من أقوال الشهود أن المتهم هو الذى بادر بالاعتداء على المجنى عليهم بإطلاق عدة أعيرة نارية صوبهم إثر المشادة الكلامية التى طرأت بينهم ولم يثبت اعتداء أى من المجنى عليهم على المتهم ابتداء حتى يتذرع أنه كان فى حالة دفاع شرعى ومن ثم فإن دفعه فى هذا الصدد يكون غير سديد متعيناً رفضه.

7 – من المقرر قانوناً أن نية القتل أمر خفى لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك من الظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التى يأتيها الجانى وتنم عما يضمره ى نفسه، وهى ثابتة فى حق المتهم أية ذلك ما ثبت بالتحقيقات أن المتهم أطلق عدة أعيرة نارية متعددة على المجنى عليهم وأصابهم فى مواضع قاتلة فضلاً عن استعماله سلاحاً نارياً قاتلاً بطبيعته (مسدس) وأنه عاجل المجنى عليهما الثانى والثالث بعد اعتدائه على الأول وسقوطه أرضاً مضرجاً فى دمائه وثبوت أن هناك ضغائن وكراهية فى نفسه قبل المجنى عليهم من قبل وأنه هناك خلافات قديمة بينهم بسبب المنازعات على قطعة أرض كما قرر الشهود الذى يؤكد ويقيناً على أنه عندما أطلق الأعيرة النارية صوبهم وإنما كان يقصد إزهاق أرواحهم إشفاء لغليله ورغبة فى الانتقام منهم وأنه إذا كان يقصد مجرد الاعتداء لما توالت الاعتداءات منه على المجنى عليهم الثلاثة.

8 – لما كان من المقرر أن الاقتران يتوافر باستقلال الجريمتين المقترنتين عن جناية القتل وتميزها عنهما وقيام المصاحبة الزمنية بينهم بأن تكون الجنايات قد ارتكبت فى وقت واحد وفى فترة قصيرة من الزمن وتقدير ذلك موضوعى، وكان ذلك متوافراً فى الدعوى الراهنة ومن ثم فقد توافر فى الدعوى ظرف الاقتران بالمعنى المقصود بالمادة 234/ 2 من قانون العقوبات.

9 – حكم صادر من محكمة النقض لدى نظرها موضوع الدعوى فى جريمة قتل عمد وشروع فيه……… إلخ.

الوقائع

1 – اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه قتل…… عمداً بأن أطلق عليه “عيارين ناريين” قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابتين الموصوفتين بتقرير الصفة التشريحية واللتين أوديتا بحياته وقد اقترنت بهذه الجناية جنايتان آخرييان هما أنه فى ذات الزمان والمكان سالفى الذكر. أولاً: قتل….. عمداً بأن أطلق عليه “عيارين ناريين” قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابتين الموصوفتين بتقرير الصفة التشريحية واللتين أودتا بحيته. ثانياً: قتل…. عمداً بأن أطلق عليه “عيارين ناريين” قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقارير الطبية المرفقة وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو مداركة المجنى عليه بالعلاج.

2 – أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً مششخناً “طبنجة”.

3 – أحرز ذخائر “طلقات” مما تستعمل فى السلاح النارى سالف البيان دون أن يكون مرخصاً له بحيازته أو إحرازه. وأحالته إلى محكمة جنايات…… لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى كل من والد المجنى عليه الأول وأرملته. والمجنى عليه الثالث وورثة المجنى عليه الثانى بإلزامه بأن يؤدى لكل منهم مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.

والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 45، 46، 234 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 6، 26/ 2 – 5 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمى 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981 والبند “أ” من القسم الأول من الجدول رقم 3 الملحق بالقانون الأول مع إعمال المادتين 17، 32 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤقتة لمدة خمسة عشر عاماً ومصادرة السلاح والذخائر المضبوطة وبإلزامه بأن يؤدى للمدعين بالحقوق المدنية مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.

فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض ومحكمة النقض قضت بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات……. لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى. ومحكمة الإعادة – بهيئة مغايرة – قضت حضورياً عملاً بالمواد 45، 46، 234 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 6، 21/ 2 – 5، 30/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند “أ” من القسم الأول من الجدول رقم 3 الملحق مع إعمال المادة 32 من قانون العقوبات بمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات ومصادرة السلاح والذخائر المضبوطة مع إلزامه بأن يؤدى للمدعين بالحقوق المدنية مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.

فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض “للمرة الثانية”…… إلخ. ومحكمة النقض قضت بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وتحديد جلسة لنظر الموضوع.

المحكمة

من حيث إن هذه المحكمة – محكمة النقض – قد قضت فى…… بنقض الحكم المطعون فيه – لثانى مرة – ومن ثم فقد حددت جلسة لنظر الموضوع عملاً بالمادة (45) من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.

ومن حيث إن واقعة الدعوى حسبما استقرت فى يقين المحكمة واطمأن إليها وجدانها مستخلصة من سائر أوراقها وما تم فيها من تحقيقات وما دار بشأنها بالجلسة تخلص فى أن شعوراً بالكراهية كان يملاً نفس المتهم بسبب خلاف بينه وبين أبناء عمومته مرده نزاعات متعددة بسبب قطعة أرض زراعية ويتجدد النزاع بين الطرفين كل فترة، وأنه يوم الواقعة وحال مرور المجنى عليهم وهم…….. و…….. عمى المتهم……. ابن عم آخر له وبسبب الخلاف السابق بينهم والضغينة المتأصلة فى نفوسهم استثير المتهم وملأه الغضب وذلك حال مرور المجنى عليهما الأول والثانى ومعهما ماشيتهما وقد تخلفت إحداها بأرض المتهم آكلة بعض المزروعات، فأشعل ذلك فتيل الغضب لديه وفجر الخلاف السابق بينهم فحدثت مشادة كلامية بنيه وبين…… وأعقبها إطلاقه – أى المتهم – عدة أعيرة نارية صوبه بقصد قتله من مسدس كان يحمله معه فأحدث به إصاباته التى أودت بحياته، ثم عاجل المتهم المجنى عليه….. بإطلاق عدة أعيرة عليه فحدثت إصاباته الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته أيضاً وفى تلك اللحظة كان المجنى عليه…. يسير بالقرب من مكان الحادث وإذ أبصره المتهم عاجله بإطلاق عيارين ناريين عليه قاصداً إزهاق روحه فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبى الشرعى والتى تم مداركتها بالعلاج وتم ضبط المتهم والسلاح المستخدم فى الحادث وبداخله طلقتين وخزانة احتياطية بداخلها ثلاث طلقات كما عثر على طلقة فارغة بمكان الحادث.

ومن حيث إن الواقعة على النحو المار بيانه قد قامت الأدلة وتوافرت على صحتها وصحة نسبتها إلى المتهم وذلك مما شهد به كل من…….. ومما ثبت من التقارير الطبية الشرعية.

وشهد…… أنه ولدى سيره بالقرب من مكان الحادث تناهى إلى سمعه صوت طلقات نارية وإذ توجه صوبها شاهد المتهم ممسكاً بطبنجة وهو يطلق منها أعيرة نارية على المجنى عليهما…… فخرا صريعين إثرى ذلك ولدى مشاهدة المتهم له عاجله أيضاً بإطلاق عيارين ناريين عليه من ذات السلاح فأحدث به بعض الإصابات.

وشهد….. أنه أثناء توجهه لحقله شاهد المجنى عليهما الأولين يسيران بالطريق معهما ماشيتهما ولدى وصولهما أرض المتهم والمجاورة لأرضهما دخلت إحدى الدواب حقل المتهم آكلة بعض النباتات فحدثت مشادة بينهما والمتهم وأنه إثر ذلك أطلق المتهم عليهما عدة أعيرة نارية أصابتهما فى مقتل فأردتهما قتيلين ثم ظهر المجنى عليه الثالث….. فعاجله بعدة طلقات نارية من ذات السلاح أصابته، ثم قام الشاهد – بإحضار سيارة ونقل المجنى عليهم للمستشفى.

وشهد…… بمضمون ما شهد به الشاهدين السابقين. وثبت من تقرير الصفة التشريحية الخاص بالمجنى عليه…….. أن به الإصابات التالية :

(1) جرح نارى (فتحة دخول) حوافية متسحجة مستديرة الشكل قطره حوالى 1 سم قمة الرأس.

(2) جرح نارى (فتحة دخول) مستديرة الشكل قطره حوالى 1 سم حوافية متسحجة بأعلى وحشية مقدم العضد الأيسر

(3) جرح نارى (فتحة خروج) مستديرة الشكل قطره حوالى 2 سم جوانبه مشرذمة واقع أعلى الجانب الخارجى للعضد الأيسر، وأن هذه الإصابات نارية حيوية حديثة، وحدثت إصابات الرأس من العيار النارى المستقر بالرأس، وقد أطلق عليه من سلاح مششخن معد لإطلاق الأعيرة النارية نم عياره ومن مسافة جاوزت مدى الإطلاق القريب باتجاه أساسى للوضع القائم الثابت للجسم من أعلى ويسار وأمام إلى أسفل ويمين وخلف وأن العيار المطلق على العضد الأيسر لا يمكن تحديد نوعه أو نوع السلاح المستخدم لعدم استقراره وأطلق عليه من مسافة جاوزت مدى الإطلاق القريب وباتجاه أساسى للوضع القائم الثابت للجسم من أمام للخلف وأن الوفاة حدثت من العيار النارى المستقر بالرأس وما أحدثه من كسور بالجمجمة وتهتك بالمخ وإن إصاباته جائزة الحدوث وفق تصوير الشهود.

وثبت من تقرير الصفة التشريحية الخاصة بالمجنى عليه…… من أن به من الإصابات ما يلى:

(1) جرح نارى (فتحة دخول) مستديرة الشكل قطره حوالى 1سم حوافية متسحجة واقع أعلى يمين الصدر.

(2) جرح نارى (فتحة خروج) مستديرة الشكل قطره حوالى 2 سم حوافية مشرذمة أعلى أنسية يسار الظهر أسفل العنق بحوالى 20 سم.

(3) جرح نارى (فتحة دخول) مستديرة الشكل قطراه حوالى 1سم حوافيه متسحجة واقع أعلى وحشية الساق اليمنى.

(4) جرح نارى (فتحة خروج) مستدير الشكل قطراه حوالى 1 سم حوافيه مشرذمة أسفل وحسية الفخذ الأيمن وأن إصاباته بالصدر والساق اليمنى نارية حيوية حديثة حدثت كل منها من عيار نارى معمر بمقذوف مفرد يتعذر تحديد نوعه أو نوع السلاح وأطلق من مسافة جاوزت مدى الإطلاق القريب باتجاه أساسى للوضع القائم الثابت بالجسم بالنسبة لعيار الصدر من يمين وأمام وأعلى إلى يسار وخلف وأسفل وبالنسبة لعيار الساق من أسفل لأعلى، وأن الوفاة حدثت من العيار النارى النافذ بالصدر وما أحدثه من تهتك بالرئتين وما صاحب الحالة من نزيف دموى غزير، ويجوز حدوث إصاباته وفق تصوير الشهود.

وثبت من التقرير الطبى الشرعى الخاص بالمجنى عليه…… أن إصاباته بالصدر والبطن والظهر كانت نارية حيوية حديثة حدثت فى وقت قد يتفق وتاريخ الحادث. وثبت من تقرير فحص السلاح والذخائر المضبوطة مع المتهم والطلقة الفارغة التى عثر عليها بمكان الحادث، أن السلاح طبنجة صالحة للاستعمال، وأن إصابات المجنى عليهما المتوفين جائزة الحدوث من مثلها، وأنها أطلقت فى تاريخ يتفق وتاريخ الحادث، وأن الطلقة الفارغة أطلقت من نفس السلاح المضبوط وأن الخمس طلقات المضبوطة مع المتهم من ذات عيار السلاح وصالحة للاستعمال.

وحيث سئل المتهم بتحقيقات النيابة أنكر الاتهام المسنج إليه. وحيث إنه وبجلسة المحاكمة حضر المتهم ومحاميه واعتصم بالإنكار كما حضر المدعون بالحقوق المدنية ومعهم وكيلهم طالبين القضاء بالتعويض المؤقت وقدره 501 جنيهاً عما أصابهم من أضرار مادية وأدبية من جراء الحادث، وشرح الحاضر مع المتهم وقائع الدعوى وطلب براءته على سند منم عدم جدية التحريات وتناقض أقوال المجنى عليه الثالث فضلاً عن أن هناك متهما آخر فى الدعوى قضى ببراءته وتمسك بقيام حالة الدفاع الشرعى عن النفس لسبق حدوث اعتداء على المتهم.

وحيث إنه عما ما تمسك به دفع المتهم من الدفع بعدم جدية التحريات، قد جاء قولاً مرسلاً على إطلاقه ولا يحمل على الدفع الصريح الذى يجب إبداؤه فى عبارة صريحة تشتمل على بيان المراد منه وفضلاً عن ذلك، فإن المحكمة عولت فى قضائها على ما اطمأنت إليه من أدلة الثبوت التى قام عليها الحكم ولم تعول على أى دليل مستمد من التحريات وما أسفرت عنه ومن ثم فلا حاجة للرد على الدفع.

وحيث إنه عما جاء بدفاع المتهم من أن المجنى عليه تعددت رواياته وأنها متناقضة قول غير سديد، ذلك أن الثابت بالتحقيقات أن المجنى عليه المذكور شهد بأن المتهم….. قد أصاب المجنى عليهما فى مقتل كما أصابه أيضاً بأعيرة نارية من مسدس كان يحمله، ومن ثم فإن المحكم تطمئن إلى تلك الأقوال وتأخذ منها دليلاً على إدانة المتهم.

ومن حيث إنه بالنسبة لدفاع المتهم بأن هناك متهماً آخر فى الدعوى قد قضى ببراءته وأن أدلة الدعوى واحدة بالنسبة له وللمتهم الماثل فإن هذا الدفاع مردود ذلك أن تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم هو من اختصاص محكمة الموضوع وحدها وأنها حرة فى تكوين عقيدتها حسب تقديرها واطمئنانها إليها ومن ثم فإن ما يثيره الدفاع فى هذا الشأن لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً فى تقدير الدليل وفى سلطة المحكمة فى وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها فضلاً عن أن حكم البراءة والذى قضت به محكمة أخرى بالنسبة لمتهم آخر لا يقيد المحكمة فى وزنها لأدلة الإدانة قبل المتهم الماثل، ذلك أن الواضع من مدونات حكم البراءة المرفق بالأوراق والذى قضى ببراءة المتهم أن سند البراءة هو أن الأدلة التى ساقتها النيابة العامة قبله تحوطها الشكوك والريب وأنها جاءت قاصرة وعاجزة عن بلوغ حد الكفاية لاطمئنان المحكمة واقتناعها وأنها انتهت بمدونات حكمها للأسباب التى ذكرتها وأخذاً بالمستندات التى قدمها المتهم وشهود نفيه على عدم تواجده بمكان الحادث وبالتالى فقد اطمأنت – المحكمة – إلى عدم مشاركته فى ارتكاب الحادث وعدم صحة إسناد التهمة إليه.

لما كان ذلك، وكان البين من مدونات حكم البراءة سالف البيان أن القضاء ببراءة المتهم بنى على أسباب شخصية لصيقة بذات المتهم، والمقرر أن أحكام البراءة لا تعتبر عنواناً للحقيقة سواء بالنسبة إلى المتهمين فيها أو لغيرهم ممن يتهمون فى ذات الواقعة إلا إذا كانت البراءة مبنية على أسباب غير شخصية بالنسبة إلى المحكوم لهم بحيث تنفى حدوث الواقعة المرفوعة بها الدعوى مادياً وهو الأمر الذى لم يتوفر فى الدعوى المطروحة، فضلاً عن ذلك، فإنه لا سبيل إلى مصادرة المحكمة فى اعتقادها ما دامت قد بنت اقتناعها على أسباب سائغة، إذ الأمر يتعلق بتقدير الدليل ولا يتعدى أثره شخص المحكوم عليه لصالحه.

لما هو مقرر أن القاضى وهو يحاكم متهماً يجب أن يكون مطلق الحرية فى هذه المحاكمة غير مقيد بشىء مما تضمنه حكم صادر فى ذات الواقعة على متهم آخر ولا مبال بأن يكون من وراء قضائه على مقتضى العقيدة التى تكونت لديه قيام تناقض بين حكمه والحكم السابق صدوره على مقتضى العقيدة التى تكونت لدى القاضى الآخر.

ومن حيث إنه وبالنسبة لما تمسك به الدفاع من توافر حالة الدفاع الشرعى عن النفس لدى المتهم، فإن المقرر وفقاً لما استقر عليه قضاء النقض أن تقدير الوقائع التى يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعى أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى، ولمحكمة الموضوع الفصل فيها بلا معقب عليها ما دام استنتاجها سليماً يؤدى إلى ما انتهى إليه، وكان الثابت للمحكمة أخذاً من أقوال الشهود أن المتهم هو الذى بادر بالاعتداء على المجنى عليهم بإطلاق عدة أعيرة نارية صوبهم إثر المشادة الكلامية التى طرأت بينهم ولم يثبت اعتداء أى من المجنى عليهم على المتهم ابتداء حتى يتذرع أنه كان فى حالة دفاع شرعى ومن ثم فإن دفعه فى هذا الصدد يكون غير سديد متعيناً رفضه.
ومن حيث إنه عن نية القتل فإن المقرر قانوناً أنها أمر خفى لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك من الظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التى يأتيها الجانى وتنم عما يضمره ى نفسه، وهى ثابتة فى حق المتهم أية ذلك ما ثبت بالتحقيقات أن المتهم أطلق عدة أعيرة نارية متعددة على المجنى عليهم وأصابهم فى مواضع قاتلة فضلاً عن استعماله سلاحاً نارياً قاتلاً بطبيعته (مسدس) وأنه عاجل المجنى عليهما الثانى والثالث بعد اعتدائه على الأول وسقوطه أرضاً مضرجاً فى دمائه وثبوت أن هناك ضغائن وكراهية فى نفسه قبل المجنى عليهم من قبل وأنه هناك خلافات قديمة بينهم بسبب المنازعات على قطعة أرض كما قرر الشهود الذى يؤكد ويقيناً على أنه عندما أطلق الأعيرة النارية صوبهم وإنما كان يقصد إزهاق أرواحهم إشفاء لغليله ورغبة فى الانتقام منهم وأنه إذا كان يقصد مجرد الاعتداء لما توالت الاعتداءات منه على المجنى عليهم الثلاثة.

وحيث إنه عن الاقتران فإنه يتوافر باستقلال الجريمتين المقترنتين عن جناية القتل وتميزها عنهما وقيام المصاحبة الزمنية بينهم بأن تكون الجنايات قد ارتكبت فى وقت واحد وفى فترة قصيرة من الزمن وتقدير ذلك موضوعى، وكان ذلك متوافراً فى الدعوى الراهنة ومن ثم فقد توافر فى الدعوى ظرف الاقتران بالمعنى المقصود بالمادة 234/ 2 من قانون العقوبات. وحيث إن المحكمة تطمئن إلى أقوال شهود الإثبات التى تأيدت بما جاء بالتقارير الطبية الشرعية وتطرح المحكمة جانباً إنكار المتهم بالتحقيقات وبالجلسة إذ أن ذلك لا يعدو أن يكون مجادلة منه للتنصل من الاتهام الذى أحاط به. وحيث إنه لما تقدم، فإنه يكون قد ثبت فى عقيدة المحكمة وعلى وجه الجزم والقطع واليقين أن المتهم:

فى يوم…… بدائرة مركز…… محافظة قنا.

أولاً: قتل…… عمداً بأن أطلق عليه “عيارين ناريين” قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابتين الموصوفتين بتقرير الصفة التشريحية واللتين أوديتا بحياته وقد اقترنت بهذه الجناية جنايتان آخرييان هما أنه فى ذات الزمان والمكان سالفى الذكر.
1 – قتل……. عمداً بأن أطلق عليه أعيرة نارية من مسدس كان يحمله قاصداً من ذلك إزهاق روحه فحدثت به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته الأمر المنطبق عليه نص المادة 234/ 1 من قانون العقوبات.
2 – شرع فى قتل…. عمداً بأن أطلق عليه عيارين ناريين من مسدس كان يحمله قاصداً من ذلك إزهاق روحه فحدثت به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبى الشرعى وقد خاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو مداركته بالعلاج الأمر المؤثم بالماد 45، 46، 234/ 1 من قانون العقوبات.

ثانياً: أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً مششخنا (مسدس).

ثالثاً: أحرز ذخائر (طلقات) مما تستعمل فى السلاح النارى آنف البيان دون أن يكون مرخصاً له فى حمله أو إحرازه الأمر المعاقب عليه بالمواد 1/ 1، 6، 26/ 2 – 5، 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمى 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981 والبند ( أ ) من القسم الأول من الجدول رقم 3 المحلق بالقانون الأول الأمر الذى يتعين معه إعمال تلك المواد فى حقه ومعاقبته بمقتضاها والمادة 234/ 2 عقوبات وبالمادة 304/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية.

ومن حيث إن الجرائم المسندة إلى المتهم قد ارتبطت ببعضها ارتباطاً لا يقبل التجزئة ومن ثم يتعين معاقبته بالعقوبة المقررة لأشدها إعمالاً لنص المادة 32/ 2 من قانون العقوبات.

ومن حيث إنه نظراً لظروف الدعوى وملابساتها فإن المحكمة ترى أخذ المتهم بقسط من الرأفة فى نطاق الحق المخول لها بمقتضى ما نصت عليه المادة (17) عقوبات.

ومن حيث إنه عن الدعوى المدنية وقد خلصت المحكمة إلى قضائها المتقدم من ثبوت الاتهام حيال المتهم ومن ثم فقد توافرت للدعوى المدنية أركانها الموجبة للمسئولية وفقاً لما نصت عليه المادة 163 من القانون المدنى من خطأ وضرر وعلاقة سببية بينهما واتصال السبب بالمسبب، ومن ثم تكون هذه الدعوى قد قامت على سند صحيح من الواقع والقانون وتقضى المحكمة للمدعين بالحقوق المدنية بالتعويض المؤقت وقدره 501 جنيه عما أصابهم من ضرر إعمالاً لحكم المادة (251) من قانون الإجراءات الجنائية وإلزام المدعى عليه (المتهم) المصاريف شاملة أتعاب المحاماة عملاً بنص المادة (320) من قانون الإجراءات الجنائية.

ومن حيث إنه عن المضبوطات فإن المحكمة تقضى بمصادرتها عملاً بنص المادة 30 من القانون 394 المعدل والمادة 30/ 2 من قانون العقوبات.

ومن حيث إنه عن المصاريف الجنائية فإن المحكمة تلزم بها المتهم عملاً بنص المادة 313 من قانون الإجراءات الجنائية.