التقادم الطويل المكسب ووضع اليد كسبب مستقل لكسب الملكية

في سياق التقرير التالي تلقي “الناس والقانون” الضوء علي نظام االتقادم المكسب للملكية وهو ما يعرف بــ «وضع اليد» و بلغة القانون «التقادم المكسب للملكية»،  ومن المقرر– في قضاء محكمة النقض – أن مفاد النص في المادة ٩٧٣ من القانون المدنى يدل على سريان قواعد التقادم المسقط على التقادم المسكب فيما يتعلق بانقطاع التقادم وذلك بالقدر الذى لا تتعارض فيه هذه القواعد طبيعة التقادم المكسب. ,  وتعني أن واضع اليد يحوز عقارا أو منقولا لمدة خمسة عشر سنة، و بشروط معينة يجب توافرها حتي يكتسب ملكيته، وهذه الحيازة بشروطها القانونية تتسبب في كسب الملكية، إذ تقوم على اعتبارات عملية حرصا على استقرار التعامل وجزاء لصاحب العين المغتصبة طوال هذه المدة وقام الحائز برعايتها واستغلالها ومن ثم فهو أولى بالرعاية ، وسنتناول في هذا المقال كل ما يخص التقادم المكسب للملكية بوضع اليد، وما يتعلق بها من احكام نقض .. بحسب الخبير القانوني “أشرف فؤاد” المحامي بالنقض. 

بإسم الشعب

محكمة النقض المصرية

الطعن رقم ١١٦٤٧ لسنة ٨١ قضائية

الطعن رقم 11647 لسنة 81 قضائية

الدوائر المدنية

جلسة ٢٠١٩/٠١/٢٨

العنوان : 

حكم ” عيوب التدليل : القصور في التسبيب “. تقادم ” التقادم الطويل المكسب : وضع اليد سبب مستقل لكسب الملكية ، ما يقطع التقادم ” التقادم المسقط “. دعوى ” نطاق الدعوى : تكييف الدعوى “. محكمة الموضوع ” سلطة محكمة الموضوع بشأن تكييف الدعوى ” ” سلطتها بشأن تقرير الخبير المنتدب في الدعوى “. ملكية ” أسباب كسب الملكية : الحيازة المكسبة للملكية : كفاية الحيازة بذاتها سبب للملكية “.

الموجز : 

قواعد التقادم المسقط . سريانه على التقادم المكسب فيما يتعلق بانقطاعه . م ٩٧٣ مدنى .

القاعدة : 

المقرر– في قضاء محكمة النقض – أن مفاد النص في المادة ٩٧٣ من القانون المدنى يدل على سريان قواعد التقادم المسقط على التقادم المسكب فيما يتعلق بانقطاع التقادم وذلك بالقدر الذى لا تتعارض فيه هذه القواعد طبيعة التقادم المكسب.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضى المقرر / عبد البارى عبد الحفيظ ” نائب رئيس المحكمة ” ، والمرافعة وبعد المداولة :
حيث إن الطعن استوفي أوضاعه الشكلية .

الوقائع

وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم .. لسنة ٢٠٠٧ مدنى محكمة الفيوم الابتدائية – على الطاعن بطلب الحكم بطرده من المنزل المبين بالصحيفة والتسليم ومنع التعرض له فيه . على سند من أنه يمتلك هذا العقار بالميراث عن والده والذى آلت إليه ملكيته بموجب العقد المسجل رقم ٠٠لسنة ١٩٥٢ شهر عقارى الفيوم ، وإذ غصبه الطاعن ووضع يده عليه دون سند فقد أقام الدعوى . تدخل المطعون ضده الثانى خصماً في الدعوى منضماً للمطعون ضده الأول في طلباته ، ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن أودع تقريره حكمت المحكمة بالطلبات . استأنف الطاعن الحكم بالاستئناف رقم ….. لسنة ٤٧ ق استئناف بنى سويف – مأمورية الفيوم – وبتاريخ ../ ٥ / ٢٠١١ قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف . طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض ، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها .
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بالوجهين الأول والثالث من السبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ، ذلك أنه ساير الحكم الابتدائي في تكييفه للدعوى بأنها دعوى مطالبة بأصل الحق وقضى فيها على هذا الأساس في حين أنها ليست كذلك لأن التكييف الصحيح للطلبات الواردة بالطرد للغصب ومنع التعرض أنها من دعاوى الحيازة ، وإذ لم يفطن الحكم لذلك يكون قد أخطأ في التكييف وحجبه هذا الخطأ عن بحث شروط الحيازة من استمرار لمدة سنة وإقامة الدعوى قبل انقضاء سنة من تاريخ الغصب الأمر الذى يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى في غير محله ، ذلك أنه على محكمة الموضوع إعطاء الدعوى وصفها الحق وتكييفها القانوني الصحيح ، وأن العبرة في تكييف الدعوى بأنها دعوى بالحق هي بحقيقة المطلوب فيها والسبب القانوني الذى ترتكز عليه .
لما كان ذلك ، وكان الواقع في الدعوى أن المطعون ضده الأول رفعها وطلب فيها طرد الطاعن من عقار التداعي مؤسساً ذلك على ملكيته لهذا العقار بالميراث الشرعى عن والده ، وقد نازعه الطاعن في ذلك وذهب إلى تملكه للعقار بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية ، فإن هذه الدعوى بالنظر إلى الطلبات الواردة بها والسبب القانوني الذى استندت إليه تكون من الدعاوى المتعلقة بأصل الحق ، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد التزم صحيح القانون ويكون النعي عليه بهذا الوجه على غير أساس .

اسباب الطعن بالنقض : لقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع

وحيث إن مما ينعاه الطاعن من باقي أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ، وفى بيان ذلك يقول إنه تمسك بدفاعه أمام محكمة الموضوع بأنه يضع اليد على منزل التداعي خلفاً لمورثه لمدة أكثر من خمس عشرة سنة وتملكه بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية وطلب إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ذلك إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عن ذلك ولم يجبه إلى طلبه رغم أنه دفاع جوهري مما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى في محله ، ذلك أن المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن وضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية إذا توافرت فيه الشروط القانونية يعد بذاته سبباً لكسب الملكية مستقلاً عن غيره من أسباب اكتسابها . وأن مفاد النص في المادة ٩٧٣ من القانون المدني يدل على سريان قواعد التقادم المسقط على التقادم المكسب فيما يتعلق بانقطاع التقادم وذلك بالقدر الذى لا تتعارض فيه هذه القواعد مع طبيعة التقادم المكسب . وكان مفاد نص المادتين ٣٨٣ ، ٣٨٤ من ذات القانون أن التقادم ينقطع بالمطالبة القضائية وبأي عمل يقوم به الدائن للتمسك بحقه أثناء السير في إحدى الدعاوى أو إذا أقر المدين بحق الدائن إقراراً صريحاً أو ضمنياً ، وأن المقصود بالمطالبة القضائية هو مطالبة الدائن لمدينه مطالبة صريحة جازمة بالحق قضاءً وهو ما يتم بطريق رفع دعوى بالحق الذى يراد استرداده ، ومؤدى ذلك أن الشكاوى الإدارية التي تبلغ للشرطة لا تعتبر مطالبة قضائية بالمعنى الذى أفصح عنه المشرع في قطع التقادم . وأن كل طلب أو وجه دفاع يدلى به لدى محكمة الموضوع ويطلب إليها بطريق الجزم أن تفصل فيه ويكون الفصل فيه مما يجوز أن يترتب عليه تغيير وجه الرأي في الحكم يجب على محكمة الموضوع أن تجيب عليه بأسباب خاصة فإن هي أغفلت مواجهته والرد عليه كان حكمها قاصراً في التسبيب متعيناً نقضه . وأنه إذا أخذت المحكمة بتقرير الخبير المقدم وأحالت إليه في بيان أسباب حكمها وكانت أسبابه لا تؤدى إلى النتيجة التي انتهى إليها بحيث لا تصلح رداً على دفاع جوهري تمسك به الخصوم فإن حكمها يكون معيباً بالقصور .
لما كان ذلك ، وكان الثابت بالأوراق أن الطاعن قد تمسك بدفاعه أمام محكمة الموضوع بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت تملكه لعقار التداعي خلفاً عن سلف بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية ، إلا أن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه التفت عن هذا الدفاع ورفض طلبه المشار إليه على ما ذهب إليه بأن أوراق الدعوى ومستنداتها كافية لتكوين عقيدة المحكمة ،
ولعدم اكتمال مدة التقادم الطويل المكسب للملكية في جانب الطاعن معتداً في ذلك بانقطاع التقادم الذى بدأ في .. / ٦ / ١٩٩٢ بالمحضر المحرر بشأن الواقعة رقم ….. لسنة ٢٠٠٧ إداري الفيوم المؤرخ …/ ٥ / ٢٠٠٧ حال أن ما تضمنه هذا المحضر لا يعد من الإجراءات القاطعة للتقادم ، وقضى بطرد الطاعن من منزل النزاع والتسليم اعتماداً على ما انتهى إليه الخبير في تقريره من تملك المطعون ضده الأول لعقار التداعي بالميراث عن والده ، وإذ كان هذا الذي استند إليه الحكم لا يواجه دفاع الطاعن المشار إليه ولا يصلح رداً عليه ، وقد حجبه ذلك عن تحقيق دفاعه وبحث مدى توافر شروط التملك بالتقادم الطويل المدة المشار إليه بوجه النعي ، وهو دفاع جوهري يتغير به وجه الرأي في الدعوى مما يعيبه ويوجب نقضه .

الحكم

لذلك 

نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه ، وأحالت القضية إلى محكمة استئناف بنى سويف – مأمورية الفيوم – وألزمت المطعون ضده الأول المصروفات ، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة .

أمين السر                                 نائب رئيس المحكمة