في التقرير التالي تلقي ” الناس والقانون” الضوء علي الشهادة من حيث شروط الاثبات بالشهادة فيما لا يجوز اثباته الا بالكتابة ، وتعرف الشهادة لغة بأنها مصدر شهد من الشهود وتعني الحضور والاطلاع وهي خبر، كما تعرف الشهادة بانها اخبار الانسان في مجلس القضاء بحق على غيره لغيره وهي شهادة عن مشاهدة يشهد بما عرفه بحواسه او عن طريق الرؤيا بالعين ، او السمع او التسامع بالاذن ، كما لايمكن اعتبار الخبير ومن هو في حكمه شاهداً لانه يدلي بما يعرف بموجب فكر وتخمين وحساب لابموجب ادراك بحواسه.

   الشهادة قبل الاسلام

 الشهادة في القديم كانت من اقوى في الثبوت (الادلة الثبوتية) لانه في القدم لم تكن هناك بدائل للشهادة كالكتابة والادلة المادية التي تعتمد عليها المحاكم في الوقت الحاضر حيث كانت الشهادة تفضل على الكتابة ، وكان القول الشهير (ان الشهادة افضل من الكتابة) ، وقد وصفها الفقيه الانكليزي نيثام (انها اعين العدالة واذانها).

 الشهادة في الاسلام

كما أخذت الشريعة الاسلامية بمبدأ الشهادة واعطتها اهمية كبيرة ، وذكرت في القران الكريم في سورة البقرة الاية (282) (واستشهدوا شهيدين من رجالكم فان لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء ان تضل احداهما فتذكر احداهما الاخرى) وكذلك الاية 283 من سورة البقرة ايضاً (ولاتكتموا الشهادة ومن يكتمها فانه آثم قلبه).

 كما وردت أيضاً في سورة الطلاق الاية (2) (فاذا بلغن اجلهن فامسكوهن بمعروف او فارقوهن بمعروف واشهدوا ذوي عدل منكم).

 وقد عرّف الفقهاء المسلمون الشهادة بانها (اخبار صادق لاثبات حق بلفظ) ، كما أن كانت الشهادة في مجلس القضاء ولو بلا دعوى.

اما الشهادة عند المالكية تعرف بانها اخبار الشاهد الحاكم عن علم لا عن ظن او شك ليقضي بمقتضاه ، وعند الشافعية والحنابلة انها اخبار بحق للغير على الغير.

والشهادة عند اغلب العلماء المسلمين فرض كفاية اذا اداها البعض سقط الواجب عن الجميع وان لم يؤدوا طائفة الشهادة فان الجميع آثم وهذا ما ذهب اليه الشافعية

 وكان الرسول صلى الله عليه وسلم كان يكتب ويشهد على التصرفات منعاً لاي نزاع محتمل في المستقبل كما ورد في تقرير حق الانتفاع على ارض مملوكة للدولة لصالح سلمة بن مالك حيث ورد (هذا ما اعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم سلمة بن مالك السلمي اعطاه ما بين ذات الخناطي الى ذات الاساور لايحاقه فيها امير).

 وشهد على ذلك كل من علي بن ابي طالب وحاطب بن ابي بلتعة.

 الشهادة في القانون الوضعي

 الشهادة في القانون الوضعي عرفها شراح القانون الوضعي ان للشهادة شروطاً ودوراً ونطاقاً في الاثبات , وكانت من أهم قواعد الاثبات هي قاعدة الاثبات بالكتابة حيث (لايجوز أثبات عكس ما هو ثابت بالكتابة الا بالكتابة) ، ألا أن هناك استثناء وهو جوز الإثبات بشهادة الشهود فيما كان يجب إثباته بدليل كتابي ، ونستعرض جواز الإثبات بشهادة الشهود فيما كان يجب إثباته بدليل كتابي بشرط يبينه , قلم الاستاذ : أشرف فؤاد، المحامي.

 «أكدت محكمة النقض المصرية»: بجواز الإثبات بشهادة الشهود فيما كان يجب إثباته بدليل كتابي 

لقد أقرت محكمة النقض المصرية في (الطعن رقم 6830 لسنة 62 ق ـ جلسة 5/11/2019)، بجواز الإثبات بشهادة الشهود فيما كان يجب إثباته بدليل كتابي ئئئئن ولكن بشرط وجود مانع مادي أو أدبي يحول دون الحصول عليه ، وذلك وفقًا للمادة 63/1 من قانون الإثبات، “(أ) إذا وجد مانع مادي أو أدبي يحول دون الحصول على دليل كتابي”.
وذهبت محكمة النقض في حكمها الي إن المانع يقصد به المانع الذي ينشأ عنه استحالة الحصول على دليل كتابي وقت التعاقد استحالة نسبية عارضة، وأوضحت النقض أمثلة لهذا المانع قائلة  : أن من حالات المانع المادي؛ الكوارث أو الحوادث المفاجئة أو الحروب، و أكدت أن هذا الاستثناء يسري على جميع الالتزامات التي يتعين إثباتها أمام القضاء بالكتابة حال توافره.

القاعده

مفاد نص المادة 63/1 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 على أنه يجوز الإثبات بشهادة الشهود فيما كان يجب إثباته بدليل كتابي إذا وجد مانع مادي أو أدبي يحول دون الحصول على دليل كتابي .
ويقصد بالمانع من الحصول على الكتابة  هو المانع الذي تنشأ عنه استحالة الحصول على كتابة وقت التعاقد استحالة نسبية عارضة .
والمانع قد يكون مانعًا ماديًا وقد يكون مانعًا أدبيًا :  المانع المادي إذا استحال الحصول على دليل كتابي نتيجة الكوارث أو الحوادث المفاجئة أو الحروب ويسري حكم هذا الاستثناء على جميع الالتزامات التي يتعين إثباتها أمام القضاء بالكتابة إذا كان قد امتنع على الدائن أو المدين الذي يقع عليه عبء الإثبات أن يحصل على دليل كتابي.

محكمة النقض المصرية

(الطعن رقم ١٦٥١٨ لسنة ٨٥ قضائية  – جواز الإثبات بشهادة الشهود فيما يجب إثباته بالكتابة عند وجود المانع المادي أو الأدبى)

حكم محكمة النقض المصرية 

الدوائر المدنية

الطعن رقم ١٦٥١٨ لسنة ٨٥ قضائية

 جلسة ٢٠١٦/١٢/١٥

العنوان : 

إثبات ” طرق الإثبات : البينة : الأحوال التى يصح فيها الإثبات بالبينة : المانع من الحصول على الكتابة : المانع الأدبى ” التمسك بقيام المانع ” . محكمة الموضوع ” سلطة محكمة الموضوع بالنسبة لمسائل الإثبات : إجراءت الإثبات : تقدير المانع الأدبى الذى يجيز الإثبات بالبينة ” .

الموجز : 

جواز الإثبات بشهادة الشهود فيما يجب إثباته بالكتابة عند وجود المانع الأدبى . م٦٣ إثبات . استقلال قاضى الموضوع بتقدير المانع الأدبى .

علة ذلك . اعتبار المانع الأدبى خاصاً ذاتياً لا عاماً موضوعياً . مؤداه . جواز وجود المانع لغير القرابة والزوجية . مقتضاه . الجوار والعادة والمركز الاجتماعى جواز اعتبارهم مانع أدبى طالما توافرت ظروفه .

القاعدة : 

إن المادة ٦٣ من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية رقم ٢٥ لسنة ١٩٦٨ وقد أجازت الإثبات بشهادة الشهود فيما كان يجب إثباته بدليل كتابى متى وجد مانع أدبى يحول دون الحصول على هذا الدليل فإنها ولم تضع لهذا المانع قيوداً يكون تقدير قيامه وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض من الأمور التى يستقل بها قاضى الموضوع إذ يقوم على اعتبارات أدبية ترجع إلى الظروف التى انعقد فيها التصرف أو لحقته أو العلاقة التى تربط بين طرفيه وقت انعقاده إذا كان من شأن هذه العلاقة أو تلك الظروف أن تمنع الشخص أدبياً من الحصول على دليل كتابى ومن ثم يكون هذا المانع خاصا ذاتياً لا عاما موضوعياً وإذا كانت صلة القربى والزوجية قد تحول أو لا تحول دون الحصول على دليل كتابى بحسب ظروف الحال التى تقدرها محكمة الموضوع فإن هناك صلات غيرها تكون مانعا أدبياً من الحصول على الكتابة كصلة الجوار بل إن مجرد العادة أو مركز الشخص الاجتماعى قد يكون مانعاً من الحصول على سند مكتوب .

الحكم

بعد الاطلاع على الأوراق ، وسماع التقرير الذى تلاه السيـــــــــد القاضـــــى المقــــــــــــــــرر / أيمن محمد صابر” نائب رئيس المحكمة ” ، والمرافعة ، وبعد المداولة .
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .

الوقائع

وحيــــث إن الوقائع ـــ على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق ـــ تتحصل فى أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم ٢١٤٤ لسنة ٢٠١٣ مدنى جنوب القاهرة الابتدائية على الطاعنة بعد رفض طلب الأداء ـــ بطلب إلزامها بأداء مبلغ ٤٠٠٠٠٠ جنيه . على سند من مديونيتها له بهذا المبلغ بموجب شيك وقد أنذرها بالسداد فلم تستجب . وجهت الطاعنة طلبا عارضاً ببطلان الشيك سند الدعوى لصوريته .
حكمت المحكمة بالطلبات فى الدعوى الأصلية وبرفض الطلب العارض ، استأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم ١٠٢٧٧ لسنة ١٣١ ق وفيه قضت المحكمة بعدم قبول الطعن بالتزوير وتغريم الطاعنة ١٠٠٠ جنيه وتأييد الحكم المستأنف ، طعنت الطاعنة على هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن وعُرض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها .

أسباب الطعن بالنقض : الخطأ فى تطبيق القانون

وحيث إن مما تنعى به الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون وفى بيان ذلك تقول إنها تمسكت أمام محكمة الموضوع بوجود مانع أدبى حال بينها وبين الحصول على دليل كتابى يخالف الثابت بالشيك محل النزاع وهو صلة القرابة بينها وبين المطعون ضده وظروف توقيع الشيك . إذ وقعت عليه بعد وفاة زوجها ــــ شقيق المطعون ضده ـــ ضماناً لعدم زواجها من آخر .
وقد طلبت إحالة الدعوى للتحقيق لإثبات ذلك . كما تمسكت بانقضاء الالتزام بمرور خمس عشرة سنة من تاريخ تحرير الشيك إلا أن الحكم المطعون فيه أغفل بحث هذا الدفاع إيرادا ورداً وقضى بإلزامها بقيمة الشيك الأمر الذى يعيبه بما يستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى فى محله ذلك أن المقرر ـــ فى قضاء هذه المحكمة ــــ أن كل طلب أو وجه دفاع يدلى به لدى محكمة الموضوع ويطلب إليها بطريق الجزم أن تفصل فيه ويكون الفصل فيه مما يجوز أن يترتب عليه تغيير وجه الرأى فى الحكم يجب على محكمة الموضوع أن تجيب عليه بأسباب خاصة فإن هى أغفلت مواجهته والرد عليه كان حكمها قاصر التسبيب .
ومتى كان المقرر أيضاً أن المادة ٦٣ من قانون الإثبات فى المواد المدنية والتجارية رقم ٢٥ لسنة ١٩٦٨ وقد أجازت الإثبات بشهادة الشهود فيما كان يجب إثباته بدليل كتابى متى وجد مانع أدبى يحول دون الحصول على هذا الدليل فإنها ولم تضع لهذا المانع قيوداً يكون تقدير قيامه ــــ وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة ـــ من الأمور التى يستقل بها قاضى الموضوع إذ يقوم على اعتبارات أدبية ترجع إلى الظروف التى انعقد فيها التصرف أو لحقته أو العلاقة التى تربط بين طرفيه وقت انعقاده إذا كان من شأن هذه العلاقة أو تلك الظروف أن تمنع الشخص أدبياً من الحصول على دليل كتابى ومن ثم يكون هذا المانع خاصا ذاتياً لا عاما موضوعياً وإذا كانت صلة القربى والزوجية قد تحول أو لا تحول دون الحصول على دليل كتابى بحسب ظروف الحال التى تقدرها محكمة الموضوع فإن هناك صلات غيرها تكون مانعا أدبياً من الحصول على الكتابة كصلة الجوار بل إن مجرد العادة أو مركز الشخص الاجتماعى قد يكون مانعاً من الحصول على سند مكتوب .
لما كان ذلك ، وكانت الطاعنة تمسكت أمام محكمة الموضوع بالتوقيع على الشيك محل النزاع على بياض بعد وفاة زوجها ــــ شقيق المطعون ضده ــــ ضماناً لعدم زواجها من آخر وأن هذه الظروف وصلة القرابة تُعد مانعا أدبياً ـــ حال بينها وبين الحصول على دليل كتابى يخالف الثابت بذلك الشيك وطلبت إحالة الدعوى للتحقيق .
وكان هذا الدفاع جوهرياً إذ من شأنه لو صح أن يجيز لمحكمة الموضوع الإثبات بشهادة الشهود فيما كان يجب إثباته بدليل كتابى كما تمسكت أمام محكمة الموضوع بانقضاء الالتزام بمرور خمس عشرة سنة وكان التمسك بالدفع بالتقادم المسقط دفاعا جوهريا لو صح لتغير به وجه الحكم فى الدعوى.
ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ التفت عن وجهى دفاع الطاعن ولم يقسطهما حقهما فى البحث والتمحيص يكون قد ران عليه القصور المبطل بما يعيبه ويوجب نقضه لهذا السبب دون ما حاجة إلى بحث باقى أسباب الطعن.

منطوق الحكم

لذلـــــــك

نقضــــت المحكمة الحكم المطعون فيه ، وأحالت الدعوى إلى محكمة استئناف القاهرة للفصل فيها وألزمت المطعون ضده المصاريف ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب محاماة .

أميــــن الســـــــــر                       نائـــب رئيــس المحكمـــة