لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التى يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ، وإذ كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التى بنى عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره – كما هو الحال فى الدعوى الراهنة – وأقرت النيابة العامة على تصرفها فى هذا الشأن فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون ، ويكون منعى الطاعن فى هذا الخصوص غير سديد ، ولا يقدح فى ذلك ما يثيره الطاعن بأسباب طعنه من شواهد على عدم جدية التحريات ، إذ البين من محضر جلسة المحاكمة أنه لم يدفع ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات على الأساس الذى تحدث عنه ، فإنه لا يقبل منه إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض .
لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه لم يتخذ من ضبط العقار المخدر سنداً لتسويغ التحريات السابقة على صدور الإذن – خلافاً لما يزعمه الطاعن بأسباب طعنه – فإن منعاه فى هذا الشأن يكون لا محل له .
لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن محكمة النقض ليس من شأنها بحث الوقائع ولا يقبل أمامها طلب جديد أو دفع جديد لم يسبق عرضه على المحكمة التى أصدرت الحكم المطعون فيه ، لأن الفصل فى مثل هذا الطلب أو الدفع يستدعى تحقيقاً او بحثاً فى الوقائع وهو ما يخرج بطبيعته عن وظيفة محكمة النقض ، فإذا كان ما جاء فى الحكم عن الوقائع دالاً بذاته على وقوع البطلان جازت إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض ولو لم يدفع به أمام محكمة الموضوع ، ولما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن دفاع الطاعن لم يثر شيئاً بشأن الدفع ببطلان إذن النيابة العامة بالتفتيش لصدوره عن جريمة مستقبلة ، وكانت مدونات الحكم قد خلت مما يرشح لقيام البطلان المدعى به ، فإذا لا يقبل منه إثارة ذلك لأول مرة أمام هذه المحكمة .
لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة فى العقل والمنطق ولها أصلها فى الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التى يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع ، ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وأن إمساك الضابط عن ذكر أسماء أفراد القوه المرافقة له عند الضبط وانفراده بالشهادة لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل فى الدعوى ، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الضابط وصحة تصويره للواقعة ، فإن كل ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً فى تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز اثارته أمام محكمة النقض .
لما كان ذلك ، ولئن كان الأصل أن من يقوم بإجراء باطل لا تقبل منه الشهادة عليه ، إلا أن ذلك لا يكون إلا عند قيام البطلان وثبوته ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى سديداً إلى صحة إجراءات القبض والتفتيش ، فإنه لا تثريب عليه إن هو عول فى الإدانة على أقوال ضابط الواقعة ، ويكون منعى الطاعن فى هذا الشأن غير قويم .
لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن إحراز المخدر بقصد الاتجار واقعة مادية يستقل قاضى الموضوع بالفصل فيها طالما أنه يقيمها على ما ينتجها ، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه عرض لقصد الاتجار فى قوله ” وحيث إنه عن قصد المتهم من إحراز المواد المخدرة المضبوطة فإن المحكمة تعول على ما اسبغته النيابة على هذا وتشاطرها أنه بقصد الاتجار ذلك أن الثابت بأقوال ضابط الواقعة التى تطمئن إليها المحكمة أن تحريات الأخير دلت على أن المتهم يتاجر فى المواد المخدرة وبضبطه نفاذاً لإذن النيابة العامة عثر بحوزته على عدد ٣٠٨٠ قرص ثلاثة آلاف وثمانون قرص لعقار الترامادول المخدر وبمواجهته أقر بإحرازه لها بقصد الاتجار وهو ما يقطع بانصراف قصد المتهم من إحرازه للمخدر المضبوط بقصد الاتجار ” .
وكان فيما أورده الحكم على ذلك النحو ما يكفى للدلالة على توافر قصد الاتجار لدى الطاعن ولا حرج على محكمة الموضوع فى استخلاصه على أى نحو تراه متى كان ما حصلته واقتنعت به للأسباب التى أوردتها – فى حدود سلطتها فى تقدير أدلة الدعوى والتى لا تخرج عن الاقتضاء العقلى والمنطقى – يفيد أن الإحراز كان بقصد الاتجار ، فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن لا يعدو أن يكون عوداً إلى الجدل الموضوعى فى تقدير الأدلة والقرائن التى كونت منها المحكمة عقيدتها وهو ما لا يصح اثارته أمام محكمة النقض .
لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن من منعى على الحكم لعدم رده على دفوعه ببطلان إقراره بمحضر الضبط وبتزوير الأخير ومخالفته لأحكام المادتين ٢٤ ، ٣١ من قانون الإجراءات الجنائية مردوداً بأن الحكم قد بنى قضاءه على ما اطمأن إليه من أدلة الثبوت التى قام عليها ولم يعول على أى دليل مستمد من محضر الضبط ، ومن ثم فإنه قد انحسر عنه الالتزام بالرد استقلالاً على هذه الدفوع ، ولا يغير من ذلك إقرار الطاعن لضابط الواقعة بمحضر الضبط إذ لا يعد اعترافاً بالمعنى الصحيح وإنما هو مجرد قول للضابط يخضع لتقدير المحكمة . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن بشأن خطأ الحكم فى بيان وقت اعتقال الضابط لتنفيذ إذن التفتيش – بفرض وقوعه – لا يعدو أن يكون خطأً مادياً لأثر له فى منطق الحكم واستدلاله على حصول القبض والتفتيش بعد صدور الإذن ، فإن دعوى الخطأ فى الإسناد الذى يعيب الحكم هو الذى يقه فيما هو مؤثر فى عقيدة المحكمة التى خلصت إليها .
لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن بشأن اختلاف عدد أقراص المخدر المضبوط بمحضر الضبط عنها بالنيابة مردوداً بما هو مقرر من أنه متى كانت المحكمة قد اطمأنت إلى العينة المضبوطة هى التى أرسلت إلى التحليل وصار تحليلها واطمأنت كذلك إلى النتيجة التى انتهى إليها التحليل – كما هو الحال فى الدعوى المطروحة – فلا تثريب عليها إن هى قضت فى الدعوى بناء على ذلك ولا جناح عليها إن هى التفتت عن دفاعه فى هذا الشأن ما دام أنه ظاهر البطلان فضلاً عن أن الطاعن لم يثير ذلك أمام محكمة الموضوع فلا يجوز له التحدث عنه لأول مرة أمام محكمة النقض .
لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الدفع بانتفاء صلة المتهم بالمخدر المضبوط وانكاره للاتهام وعدم ارتكابه للواقعة مردوداً بأن نفى التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التى لا تستأهل رداً طالما الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التى أوردها الحكم ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن يكون لا محل له .
لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
الحكم
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة : بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع برفضه .
أمين السر رئيس الدائرة